معاناةٌ مريرة يعيشها المرضى المصابون بالسرطان والأمراض المكلِّفة الذين كانوا مستفيدين من نظام المساعدة الطبية “راميد”، بعد تحويلهم إلى نظام “أمو تضامن”، في إطار تنفيذ برنامج الحماية الاجتماعية، حيث تم توقيف علاج عدد منهم، بعد نقلهم إلى الفئة التي يتعين عليها أداء مساهمات لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
عزيز يعاني والده من سرطان في الكِلية وكان يستفيد من نظام المساعدة الطبية “راميد”، وظل يستفيد من العلاجات بعد نقله إلى نظام “أمو تضامن”؛ لكن حياته أصبحت مهددة اليوم، بعد اعتماد مؤشر السجّل الاجتماعي الموحَّد. ويتعيّن عليه أن يدفع مساهمات للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للاستفادة من التغطية الصحية.
أوضح عزيز، في حديث لهسبريس، أنه بالرغم من أنه قامَ بجميع الإجراءات المطلوبة، حيث قام بالتسجيل في البوابة الإلكترونية المخصصة لهذا الغرض، وفتح حسابا بنكيا بسيولة قدرها 400 درهم كضمان لتوفير مبلغ الاقتطاعات لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي؛ فإن والده أصبح محروما من التعويض عن العلاجات والأدوية، على الرغم من أن الدواء الذي يستعمله يكلّف لوحده أكثر من 38 ألف درهم شهريا.
وكان والد عزيز يستفيد من الدواء عن طريق التحمل المباشر من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حيث كان هذا الأخير يتحمّل 95 في المائة من سعر الدواء، في حين يتحمّل المستفيد 5 في المائة.
ويعود سبب عدم استفادة المرضى الذين كانوا مشمولين بنظام “أمو تضامن”، الذين أصبحوا مُلزمين بأداء مساهمات لصندوق الضمان الاجتماعي بسبب تجاوز مؤشراتهم للنقط المحددة في السجل الاجتماعي الموحد، إلى شرْط وضعتْه الحكومة، يتمثل في أن استئناف الاستفادة من التغطية الصحية لا تتم إلا بعد أداء مساهماتِ ثلاثة أشهر.
وكانت الحكومة قد صادقت، في شهر أكتوبر الماضي، على مشروع قانون يقضي بإلغاء الديون “إلغاء الديون المستحقة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي برسم نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، المتعلقة بالاشتراكات والزيادات ومصاريف المتابعات والغرامات، الواجبة على فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا”.
وينص القانون المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالأشخاص القادرين على تحمل واجبات الاشتراك الذين لا يزاولون أي نشاط مأجور أو غير مأجور، على أن استفادة المؤّمن من تحمّل نفقات العلاج واسترجاع المصاريف تبدأ بعد مرور فترة تدريب تحدد في ثلاثة أشهر، تبدأ من تاريخ سريان أثر تسجيله في نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض”.
القرار الذي اتخذته الحكومة جاء بسبب عدم قدرة فئات مهمة من الخاضعين لهذا النظام على أداء واجبات اشتراكاتها بشكل منتظم؛ ما أدى إلى تراكم الديون المرتبطة بها، وهو ما كان سيؤدي إلى اختلال التوازن المالي لنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا.
وبالرغم من أن المستفيدين من هذا النظام الذين تم إعفاؤهم من الديون المتراكمة عليهم، من استئناف أداء المساهمات المقدرة بحوالي 177 درهما شهريا، بدايةَ شهر يناير الجاري، فإن وكالات الضمان الاجتماعي تخبرهم بأن الاستفادة من التغطية الصحية لن يكون ساريَة المفعول إلا بعد الاقتطاع الثالث، أي بعد ثلاثة أشهر؛ وهو ما اعتبره “ر.ب”، الذي يعاني والده بدوره من مرض مزمن، “أمرا غير معقول”.
المتحدث ذاته أفاد، في تصريح لهسبريس، بأن والده يعاني من مرض مزمن على مستوى الجهاز التنفسي، ويضطرُّ حاليا إلى الإنفاق على العلاج وشراء الأدوية دون أن يستفيد من أي تعويض.
وأضاف: “هناك عدد كبير من المرضى من ذوي الأمراض المزمنة يعيشون هذا الوضع، ونحن مستعدون لأداء مساهمات سنةٍ كاملة، بشكل مسبق، لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، من أجل استئناف الاستفادة من التغطية الصحية”.
ما يؤرّق المعنيين هو أن ما يدفعونه من مصاريف العلاج والأدوية والفحوصات بالأشعة لن يحصلوا مقابلَه على أي تعويض، خلال الشهور الثلاثة قبل استئناف تمكينهم من التغطية الصحية.
وبينما لم يتسنَّ نيل رأي وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في الموضوع، قالت حفيظة الحبايلي، عضو حركة بدائل مواطنة بفاس، إن هناك “هوّة كبيرة بين ما يتم الترويج له في الخطاب الرسمي وبين ما هو موجود في الواقع بخصوص تطبيق التغطية الصحية الإجبارية”، مشيرة إلى أن الفئات الهشّة تواجه مشاكل كبيرة في الاستفادة.
واعتبرت المتحدثة ذاتها، في تصريح لهسبريس، أن تطبيق نظام التغطية الصحية الإجبارية في إطار برنامج الحماية الاجتماعية بدأ بداية متعثرة؛ ذلك أن فئات مهمة لم تكنْ على علم بأنها مدعوة إلى أداء مساهمات لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وفئات أخرى لا تتوفر على موارد مالية لأداء هذه المساهمات، لتُفاجأ بمراسلات من طرف الصندوق لأداء ما تراكم عليها من ديون بآلاف الدراهم.
وكان خالد آيت طالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية قد أقر، في جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب يوم الثلاثاء المنصرم، بوجود مشكل عدم استفادة مواطنين من الذين كانوا يستفيدون من المساعدة الطبية “راميد” من نظام التغطية الصحية، عازيا سبب ذلك إلى “الإجراءات الإدارية”.
وقال المسؤول الحكومي ذاته: “نحن نتعاطف مع هذه الشريحة؛ لأن فيها من يعاني من أمراض مزمنة، ومن أمراض السرطان. وكان هناك مرسوم وزاري من أجل استمرار هذه الفئة من العلاج؛ ولكن لا بد من تسوية وضعيتهم الإدارية”.
المصدر: وكالات