مع عودة أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج إلى بلدان المهجر وشروع أغلب الأسر المغربية في العودة إلى مدن الإقامة، استعدادا لالتحاق أبنائهم بمقاعد الدراسة، تباينت تقييمات أرباب الفنادق بخصوص حصيلة الإقبال خلال العطلة الصيفية المطلة على نهايتها؛ فبينما قال بعض هؤلاء المهنيين إن الفنادق تعافت خلال شهر غشت من آثار التأخر المسجّل في توافد السيّاح، خصوصا من مغاربة العالم الشهر الماضي، سجل آخرون أن غنيمة الفنادق من رواج السياحة الداخلية خلال العطلة تبقى “متواضعة”.
ويتفق أرباب الفنادق، الذين تحدثوا لهسبريس، على أن نهاية العطلة الصيفية هي مناسبة للاستعداد للذروة المسجلة عادة في إقبال السياح الأجانب على وجه الخصوص ابتداء من شهر شتنبر، من خلال القيام بمجموعة من الإصلاحات على مستوى التجهيزات وفضاءات الاستقبال، دون أن يخفي “غير الراضين ” منهم عن نسب الملء خلال العطلة الصيفية رهانهم على المناسبات والمواسم التي تحتضنها مناطقهم خلال الخريف لاجتذاب الآلاف من السياح المغاربة.
“تجاوزت التحديات”
في تعليقه على الموضوع، قال مصطفى أماليك، الكاتب العام لجمعية الصناعة الفندقية بمراكش، إن “ليالي المبيت والإيواء السياحي بمختلف فنادق المدينة عرفت، خلال عطلة صيف هذه السنة، انتعاشة مهمة مقارنة بالسنوات السابقة؛ فعلى الرغم من أن شهر يوليوز عرف تأخرا في توافد السياح على المناطق السياحة، ومنها مراكش، لتفسيرات عديدة أهمها تأخر عودة أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج إلى أرض الوطن بسبب تزامن العطلة مع تنظيم الانتخابات الفرنسية وأولمبياد باريس، فإن الفنادق تداركت هذا التأخر عبر تسجيل نسب ملء مهمة خلال شهر غشت”.
وأضاف أماليك، في تصريح لهسبريس، أنه “على الرغم من تأثر القدرة الشرائية للسياح الداخليين في الآونة الأخيرة بفعل الغلاء الذي طال المواد الأساسية وتسبيق أجور شهر يوليوز التي التهم عيد الأضحى نسبا مهمة منها، فإن ذلك لم يكن له الوقع الكبير على منسوب الحجز داخل المؤسسات الفندقية ودور الإيواء”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “بعض التصوّرات التي تذهب إلى أن الفنادق، عبر اعتمادها لأسعار مرتفعة، لم تحفز المغاربة على السياحة الداخلية تبقى غير منطقية؛ لأنه عمليّا لا يمكن المبيت فندق فئة خمس نجوم بمراكش وأكادير بحوالي 500 درهم لليلة على سبيل المثال”.
وأورد الفاعل المهني أن “أصحاب الفنادق، خصوصا بمدينة مراكش، يراهنون، بعد انتهاء العطلة الصيفية، على شهر شتنبر الذي تشهد خلاله المدينة الحمراء ذروة سياحة المؤتمرات؛ بفعل احتضانها خلال هذا الشهر مجموعة من التظاهرات والمؤتمرات العالمية التي تجتذب مئات المشاركين والزائرين”.
وفي هذا الصدد، أشار أماليك إلى أن “ليالي المبيت بمراكش تواصل، بعد هذا الشهر، السير على منحى تصاعدي وتبلغ ذروتها في عطل أعياد الميلاد مع نهاية السنة الميلادية”.
وأكد الكاتب العام لجمعية الصناعة الفندقية بمراكش أن “عددا من المؤسسات الفندقية شرعت، بعد نهاية العطلة الصيفية، في القيام بإصلاحات جزئية، خصوصا على مستوى التجهيزات وفضاءات الاستقبال استعدادا لاحتضان السيّاح خلال المحطات الواعدة المقبلة؛ فيما يقوم بعض منها بإصلاحات شاملة استعدادا للتظاهرات الكبيرة من قبيل كأس أمم إفريقيا الذي سينظمه المغرب سنة 2025”.
“حصيلة متواضعة”
قال سفيان بشار، مهني رئيس الجمعية الجهوية للصناعة الفندقية بدرعة بدرعة تافيلالت، إن “السياحة بالجهة عرفت ركودا ملحوظا خلال عطلة صيف هذه السنة، لمسنا آثره كمهنيين في نزول عدد ليالي المبيت بنسبة 50 في المائة على الأقل مقارنة بذات الفترة من السنة السابقة”، مشيرا إلى أن “هذه الحصيلة المتواضعة راجعة إلى عوامل عديدة؛ منها تدهور القدرة الشرائية للعائلات الكبيرة التي كانت مدمنة لزيارة المنطقة خلال العطلة، بعد الغلاء غير مسبوق لأضاحي عيد الأضحى، وارتفاع موجة لهيب أسعار عدد من المواد الاستهلاكية الأساسية خلال الأشهر القليلة الماضية”.
وأضاف بشار، في تصريح لهسبريس، أن “أرباب الفنادق بالمنطقة أخذوا هذه الإكراهات بعين الاعتبار، وقاموا بتخفيضات استثنائية وصلت إلى 50 في المائة في بعض الأحيان، لتشجيع العائلات المنتمية إلى الطبقة المتوسطة على تجديد العهد مع الوجهات السياحية بأسامر؛ إلا أن هذه الجهود لم تؤتِ أكلها بالشكل المطلوب”، لافتا إلى أنه “من جهة أخرى، فإن العديد من أبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج الذين ينعشون القطاع السياحي بالمنطقة خلال هذه الفترة، وخاصة المهووسين بالسياحة الرملية، لم يتوافدوا على المغرب بسبب تزامن العطلة الصيفية مع تنظيم منافسات أولمبياد باريس”.
وأوضح المهني ذاته أن “هذا التراجع المسجّل في عدد ليالي المبيت خلال هذه العطلة تم استغلاله من قبل المهنيين للقيام بمجموعة من الإصلاحات على مستوى البناء وتجهيزات الفنادق حتى تكون مستعدّة لذروة الإقبال الذي يشهده القطاع السياحي بالمنطقة ابتداء من منتصف شتنبر”، لافتا إلى أن المهنيين يراهنون على موسم الخطوبة بإملشيل المرتقب تنظيمه هذه السنة ما بين 19 و21 شتنبر، وعلى المعرض الدولي للتمور بالمغرب في أكتوبر الذي يجتذب مجموعة من السياح المغاربة إلى أرفود والرشيدية.
وأكد رئيس الجمعية الجهوية للصناعة الفندقية بدرعة تافيلالت أن “السوق الأجنبية تبقى، في نهاية المطاف، المزود الرئيسي للمنطقة بالسياح؛ إلا أن حجوزات السياح الأجانب بدورها تبقى حتى الآن متدنية، بسبب التقلبات المرتبطة بالأسواق الأوروبية والأمريكية، إلى جانب تأثير الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؛ لأن نسبة مهمة من السياح الإسرائيليين يفضلون منطقة درعة تافيلالت بسبب هوسهم بالسياحة الصحراوية”.
المصدر: وكالات