أكد تقرير صادر عن مركز إفريقيا للدراسات الإستراتيجية، تحت عنوان “فك شيفرة تأثير الجهات الخارجية على قطاع التكنولوجيا في إفريقيا”، أن الدول الإفريقية ينبغي أن تعطي الأولوية لتعزيز الأمن السيبراني وزيادة المنافسة داخل قطاع التكنولوجيا، وذلك من خلال معالجة نقاط الضعف الناجمة عن سيطرة الجهات الأجنبية على إمداد البنية التحتية التكنولوجية الحيوية في القارة.
وفي استعراضه أبرز التحديات التي تواجه البنية التحتية التكنولوجية في إفريقيا أشار التقرير ذاته إلى أن “القارة تعتمد بشكل كبير على الموردين الأجانب في تكنولوجيا البنية التحتية، وهو ما يعتبر ثغرة أمنية سيبرانية رئيسية؛ وكمثال بارز على ذلك هو اكتشاف وجود تجسس إلكتروني واسع النطاق في مقر الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا، الذي أنشأته الصين، حيث كان يتم نقل بيانات حساسة إلى شنغهاي يوميًا منذ سنة 2012″، وزاد: “كما شهدت كينيا حالات تجسس سيبراني مماثلة استهدفت الوزارات الحكومية. ويظهر هذا النمط المتكرر استخدام جهات خارجية نفوذها على البنية التحتية التكنولوجية وسلاسل الإمداد لتحقيق أهدافها”.
وتابع التقرير: “التكنولوجيا المستوردة أسهمت بشكل كبير في تطوير البنية التحتية الإفريقية، إلا أنها تطرح تحديات كبيرة تتعلق بالأمن السيبراني”، مشيرًا في هذا الصدد إلى “تعرض ثلث أجهزة الكمبيوتر في إفريقيا خلال الربع الأول من العام الماضي لهجمات إلكترونية، كانت لها تأثيرات كبيرة على قطاعات التمويل والخدمات العامة والبنية الأساسية للموانئ في مختلف البلدان الإفريقية، وهو ما يطرح تحديًا في تحقيق التوازن بين الاستفادة من التكنولوجيا الأجنبية من جهة وضمان حماية البنية التحتية الحيوية من جهة أخرى”.
وشدد المصدر ذاته على أن “البنية التكنولوجية في إفريقيا تواجه العديد من نقاط الضعف التي تجعلها عرضة لتأثير الجهات الخارجية؛ فعلى سبيل المثال يمكن لمُصنّع الهواتف الذكية التأثير على المستخدمين من خلال أمان الأجهزة التي يستخدمونها والنظام البيئي للتطبيقات المثبتة مسبقًا”، مردفا: “كذلك قد يقدم مطورو التطبيقات ثغرات أمنية عن قصد أو دون قصد عبر عملية التحديث. وفي المقابل يمكن لمزودي الخدمات والبنية التحتية، من خلال سيطرتهم على الشبكات المادية، مراقبة المستخدمين أو التحكم في وصولهم إلى موارد الاتصالات، أو حتى إيقافها بالكامل”.
وواصلت الوثيقة: “رغم التأثير الكبير للجهات الخارجية عبر معظم طبقات البنية التكنولوجية الإفريقية إلا أن هناك تباينًا كبيرًا بين كل طبقة وأخرى. وتعد الصين والولايات المتحدة لاعبتين رئيسيتين في سوق التطبيقات بإفريقيا”، مضيفة أن “تطبيقات غوغل كروم ويوتيوب وكاليندر وواتساب تحتل المراكز الأولى من حيث الاستخدام في القارة الإفريقية، يليها تطبيق ‘فوينكس برووزر’ الصيني”.
وأشار التقرير عينه إلى أن “الولايات المتحدة الأمريكية تهيمن من خلال شركاتها على أكثر من 90 في المائة من سوق أنظمة التشغيل في إفريقيا، بينما تعتبر الدول الآسيوية مثل الصين وكوريا الجنوبية من الموردين الرئيسيين للقارة في ما يخص الأجهزة الإلكترونية، من خلال شركة سامسونغ الكورية الجنوبية التي تستحوذ على 31 في المائة من سوق إفريقيا، تليها مجموعة ترانسيوشن الصينية، التي تشمل علامتي تيكنو وإنفينكس بنسبة 21 في المائة؛ فيما تمتلك شركتا هواوي وشاومي الصينيتان حوالي 7 في المائة من هذه السوق لكل منهما، ما يمنح الشركات الصينية إجمالاً حصة سوقية تبلغ 36 في المائة”.
وبين تقرير مركز إفريقيا للدراسات الإستراتيجية أن “قطاع التكنولوجيا في إفريقيا لا يخضع لسيطرة جهة فاعلة واحدة؛ فيما هناك الكثير من الفرص للأفارقة لتأكيد قدرتهم على التصرف، إذ يمكن للحكومات الإفريقية أن تساعد في التخفيف من نقاط الضعف الناجمة عن تأثير الجهات الفاعلة الخارجية من خلال تعزيز التنوع والمنافسة داخل قطاع التكنولوجيا”، موردا أن “إيلاء الاهتمام لتعزيز الأمن السيبراني من شأنه أن يساعد هذه الحكومات على ضمان سلامة بلدانها ومواطنيها من التهديدات السيبرانية”.
وفي ما يتصل بالتقنيات الإستراتيجية التي لا يمكن إنتاجها أو حمايتها بشكل كاف داخل بلد ما شدد المصدر عينه على أن “الدول الإفريقية يتعين عليها أن تسعى إلى تعزيز التنوع والمنافسة”، مردفا: “على سبيل المثال تسببت عمليات قطع الكابلات البحرية التي تخدم إفريقيا تاريخيًا في حدوث مشاكل كبرى، ما أدى إلى انقطاعات أو توقفات في خدمة الإنترنت استمرت لأشهر. وكلما زاد تنوع وعرض النطاق الترددي للكابلات البحرية التي تخدم إفريقيا كلما أصبحت خدمة الإنترنت أكثر مرونة، وأصبحت الخيارات المتاحة لتوجيه حركة المرور الحساسة المحتملة أكثر”.
وأكدت الوثيقة على “ضرورة أن تلعب الحكومات الإفريقية دورًا حاسمًا في تعزيز القدرات السيبرانية من خلال إنشاء أطر قانونية وتشريعية ومؤسسية للتخفيف من المخاطر السيبرانية، وخاصة في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والتمويل والاتصالات؛ كما ينبغي عليها أن تشارك في الجهود الدولية والإقليمية لحماية البنية الأساسية للمعلومات الحيوية من الهجمات الإلكترونية، وهو عنصر حاسم في المعايير المتفق عليها عالميًا لسلوك الدولة في الفضاء الإلكتروني”، مشددة على أنه “رغم الاعتماد على الموردين الأجانب تمتلك إفريقيا فرصًا كبيرة لتطوير قطاع التكنولوجيا الخاص بها، عبر تعزيز التنوع، وتبني سياسات سيبرانية فعالة، ودعم الشركات المحلية، ما سيمكنها من بناء نظام تكنولوجي أكثر أمانًا وابتكارًا”.
المصدر: وكالات