يبدو أن زيف المقالع، مستمر بالمغرب على الرغم من وجود القوانين، لكنها لا أثر لها بحسب تقارير رسمية.
عدد لا يُستهان من هاته المقالع المنتشرة بالبلاد، بات يفلت من المراقبة المنتظمة للسلطات، فيما تتحول أخرى إلى بؤر خطرة أو مصادر للتلوث تضر بالسلامة العامة .
الاكراهات المرتبطة بتنفيذ آليات منح التراخيص ومراقبة الاستغلال في مجال المقالع، تعترضها العراقيل التي تزيد هي أيضا، من استفحال ظاهرة استغلالها المفرط وغير المشروع وفقا لتقرير صادم حديث، أصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
بناء على تشخيص للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، لاتزال عملية إعادة تأهيل المقالع القديمة تصطدم هي الأخرى بعقبات جمة، إذ يُقدم بعض المستغلين على مغادرة هذه المواقع بعد الانتهاء من استغلالها دون القيام بأشغال إعادة التهيئة اللازمة أو القيام بها بشكل لا يتوافق مع المعايير المحددة.
ونجم عن هذا التقصير تشويه المناظر الطبيعية، وتحول هذه المواقع، إلى بؤر خطرة أو مصادر للتلوث، خاصةً عند استغلالها كمطارح نفايات عشوائية، مما يؤثر سلبا على النظم البيئية والمياه الجوفية.
المجلس، سيرصد من بين هذه الاكراهات، البطء الملحوظ في مسطرة فتح المقالع المؤقتة المخصصة للأشغال العمومية، يجعلها تتجاوز في بعض الأحيان فترة التنفيذ الفعلية للأوراش، حيث يمكن أن تمتد هذه الفترة عمليا لمدة تتراوح بين 1سنة إلى 3 سنوات. ويُعزى هذا البطء غالبا إلى تعدد الأطراف المتدخلة في هذه المسطرة على المستوى الترابي، وهو ما من شأنه أن يؤثر سلبا على الفاعلين الاقتصاديين وحاملي المشاريع نظرا لقصر المدد الزمنية المخصصة غالبا لتنفيذ معظم مشاريع البناء و الأشغال العمومية.
في سياق استشارة أطلقها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول آليات منح التراخيص ومراقبة استغلال المقالع يرى غالبية المشاركات و المشاركين، حوالي (68.38%)، أن تنزيل هذه الآليات القانونية، بات لا يراعي مبادئ الشفافية والانصاف بين المتقدمين بطلبات الترخيص خلال مختلف مراحل هذه العملية.
وفي هذا الصدد، دعت تعليقات رواد حسابات المجلس في شبكات التواصل االاجتماعي، إلى إرساء مزيد من الشفافية على مستوى المساطر وتعزيز مبادئ الإنصاف والمساواة، فضلا عن تشديد المراقبة مع سن عقوبات رادعة في حالة مخالفة القوانين ذات الصلة.
تقرير مجلس الشامي، يظهر أيضأ، نقصا آخر في الموارد البشرية والإمكانيات التشغيلية المخصصة لتدبير المقالع على مستوى وزارة التجهيز والماء. على الرغم من إرساء الأطر التشريعية والتنظيمية الراهنة وسهولة مراقبة المقالع المفتوحة، مقارنة بالمقالع البحرية، إلا أن ثمة عدداً لا يُستهان به من هذه المقالع يفلت من المراقبة المنتظمة.
ويترتب على الاستغلال غير المقيد والمفرط لبعض أنواع المقالع والتي تُعد عموما مواردا غير متجددة، تأثيرات طويلة ومتوسطة وقصيرة الأمد لا ينبغي تجاهلها. إن هذا الاستغلال يهدد بشكل كبير استدامة هذه الموارد، وكذلك حق الأجيال المستقبلية في الاستفادة من مستويات مماثلة للموارد، التي تنعم بها الأجيال الحالية.
ووفقًا لتقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة الصادر سنة 2019، فإن نصف الرمال المستخدمة في المغرب أيما يناهز 10 ملايين متر مكعب سنويا، تأتي من استخراج الرمال الساحلية بشكل غير قانوني، والذي تتسبب حسب التقرير نفسه، إلى تحويل شريط شاطئي شاسع يقع بين آسفي والصويرة إلى مجرد منطقة صخرية عارية . ويتم غالبًا استخراج الرمال من الشواطئ لبناء الفنادق والطرق وغيرها من البنى التحتية المتعلقة بالسياحة. وقد يؤدي استمرار أعمال البناء في بعض الأماكن إلى وضع غير مستدام وإلى فقدان الميزة الطبيعية الرئيسية للمنطقة أمام الزوار، وهي الشواطئ.
ومن تم يؤكد تقرير الشامي، بخصوص آليات منح التراخيص ومراقبة استغلال الموارد الطبيعية، بما فيها المقالع، أن هذا الاستغلال الجائر لبعض أنواع المقالع، يؤدي إلى إحداث تأثيرات ملموسة على المدى القصير والمتوسط والطويل.
ويستحضر التقرير من بين هذه التأثيرات على سبيل المثال تدمير وتدهور النظم البيئية والموائل و إحداث تغييرات في المناظر الطبيعية و الإضرار بالبنية التحتية الطرقية، وغير ذلك.
وقد تؤثر أنشطة بعض المقالع أيضا، سلبا على المجالات الترابية والصحة العامة: التلوث، والضوضاء، وانخفاض قيمة العقار، والتأثير على خصوبة الأراضي المجاورة للمقالع، إلى جانب الآثار غير المباشرة على الأمن الغذائي والمائي، وانخفاض جاذبية المجالات الترابية، وغيرها.
ويضيف التقرير، أنه بإمكان أن تلقي هذه التأثيرات أيضا بظلالها على سبل عيش الساكنة المحلية القاطنة بالقرب من المقالع (مثل التخلي عن بعض الأنشطة المدرة للدخل كالفلاحة أو السياحة)، ممـا يـزيـد مـن هشاشتها السوسيو- اقتصادية ويسهم في هجرتها إلى مناطق أخرى.
استشارة أخرى أطلقها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، حول آليات منح التراخيص ومراقبة استغلال المقالع، تظهر أيضا، أن غالبية المشاركات والمشاركين، يرون أن هذه الآليات لها تأثير محدود أو ليس لها أي تأثير على التنمية الاجتماعية والاقتصادية على المستوى المحلي.
وبشكل أكثر تحديدا، أفاد غالبية المستجوبين، أن التأثير الإيجابي يتجلى بشكل رئيسي في المجالات التالية: خلق فرص العمل ، وتحسين الإيرادات الضريبية، وتقليص التفاوتات المجالية.
المصدر: وكالات