كشف تقرير حقوقي أنجزته “مؤسسة يطو لإيواء وإعادة تأهيل النساء ضحايا العنف”، استمرار تفشي ظاهرة الهدر المدرسي بشكل كبير في العالم القروي، لا سيما في صفوف الفتيات، بسبب الصعوبات التي يجدنها في الوصول إلى المؤسسات التعليمية.
وأفاد التقرير الذي أنجز بناء على نتائج بحث ميداني خلال قافلة نظمتها المؤسسة المذكورة استهدفت عددا من المناطق النائية في خمس جماعات قروية بإقليم تارودانت، بأن 863 من النساء المستفيدات من الخدمات التي قدمتها القافلة يعانين من الأمية.
ولم تتعدّ نسبة النساء اللواتي استفدن من برامج محو الأمية 26، ودرست 9 منهن في الكتّاب القرآني، بينما غادرت 86 في المئة منهم المدرسة في طور التعليم الابتدائي، وانقطعت 11 منهن عن الدراسة بعد التعليم الإعدادي، وانتهى المسار الدراسي لـ 9 بعد التعليم الثانوي.
وأفاد التقرير بأن رغبة النساء في المناطق القروية التي استهدفتها القافلة في الدراسة مرتفعة جدا، إذ عبّرت 711 من النساء المستجوبات، أي ما يمثل 82 في المئة، عن رغبتهن الملحة في الدراسة، “لأن فرصتهن في التعلم اغتُصبت منهن إما بسبب تزويج القاصرات، أو الإقصاء والفقر والتهميش الذي تعاني منه المناطق التي يقطنّ فيها”.
وعبّرت 152 امرأة (18 في المئة) من النساء المستجوبات عن عدم رغبتهن في الاستفادة من برامج محو الأمية، “لعدة أسباب، مثل فقدان الأمل، وكبر السن، والعادات والتقاليد، وضغط الأشغال المنزلية ومسؤوليات البيت، أو رفض الأزواج”.
وأظهرت نتائج البحث الميداني انتشار الأمية في صفوف الزوجات في المناطق القروية التي شملها البحث، إذ تصل إلى 86 في المئة، وبلغت نسبة الزوجات اللواتي لديهن مستوى تعليمي ابتدائي 9 في المئة، والمستفيدات من برنامج محو الأمية 3 في المئة، واستفادت 0.75 في المئة منهن من الكتّاب القرآني، و0.25 في المئة من التعليم الثانوي، بينما لا تتوفر أي منهن على تعليم جامعي.
وبخصوص تمدرس الأطفال، وصف التقرير وضعته بـ”المزرية”، حيث بلغ عدد الأطفال المنقطعين عن الدراسة 2251 طفلة وطفلا، من أصل 4503 أطفال شملهم البحث، 1044 منهم ذكور، و1207 إناث.
وكشف التقرير وجود نسبة كبيرة من الأطفال الذين يعانون من الأمية، حيث بلغ عددهم 289 في صفوف الذكور، و390 في صفوف النساء.
وعزا التقرير، انطلاقا من البحث الاجتماعي الذي قام به منظمو القافلة، أسباب ارتفاع الهدر المدرسي بشكل كبير في المنطقة إلى بُعد المؤسسات التعليمية عن تلاميذ الدواوير النائية، وانعدام أو قلّة وسائل النقل المدرسي، والحالة المتردية للطرق أو انعدامها، وقلة عدد الأقسام الداخلية وضعف تجهيزاتها وخدماتها، وارتفاع تكاليف الإيواء بالنسبة للأسر التي يعاني أغلبها من الفقر، إضافة إلى الهشاشة الاجتماعية.
ورصد التقرير استمرار ظاهرة زواج القاصرات، التي “تشكل ضربة قوية لتمدرس الطفلات”، مشيرا إلى أن عدد حالات زواج القاصرات التم تم رصدها بلغ 500 حالة، تتراوح أعمارهن ما بين 15 و17 سنة، تم تزويجهن “إما بسبب انعدام فرص التعليم، أو الفقر، أو التطرف في التعامل مع النص الديني”.
وبحسب الوثيقة ذاتها، فإن الأغلبية الساحقة من النساء والفتيات المستجوبات (998 امرأة وفتاة) يرفضن بشكل قاطع زواج القاصرات، إذ بلغت نسبة اللواتي عبّرت عن رفضهن لهذه الظاهرة 85 في المئة، بينما أبدت 15 في المئة منهن قبولها.
من جهة ثانية، وفي الوقت الذي تستعد فيه الحكومة لإدخال تعديلات على مقتضيات مدونة الأسرة، كشف البحث الميداني لمؤسسة يطو أن فئة كبيرة من النساء القرويات لا علم لهن بالمدونة التي دخلت حيز التنفيذ منذ سنة 2004.
وصرحت 45 في المئة من النساء بأنهن لا يعلمنّ شيئا عن المدونة، فيما صرحت 55 في المئة منهن بأن لهن “علما سطحيا” بها، انطلاقا من المعلومات التي يستقينها عبر التلفزيون والراديو، لكنهن جميعا لا يعرفن فصولها أو حقوقهن وواجباتهن في إطار المدونة.
المصدر: وكالات