سجل المجلس الأعلى للحسابات أن هناك “غيابا لمساطر موثقة ودلائل معتمدة لتأطير وتنظيم عملية مراقبة الانخراط المدرسي والجامعي والبيانات التبريرية للدعم المخصص له لدى جل المصالح الدائمة، باستثناء تلك المكلفة بمراقبة العقود المبرمة على مستوى الرباط وأكادير وتطوان؛ وهو ما يمثل 23 من العقود التي راقبها المجلس”.
وتفاعلا مع ذلك، أوصى المجلس، في تقريره السنوي الأخير، بضرورة “مراجعة آليات المراقبة والتتبع الخاصة بمنح دعم التعويض الخاص بالنقل المدرسي والجامعي، لا سيما من خلال تأطير الإجراءات المتعلقة بالتتبع والمراقبة للوقاية من المخاطر ذات الأثر المالي واشتراط اعتماد الشركات المستفيدة من الدعم لنظام معلوماتي يمكن المصالح الدائمة للمراقبة من التحقق من موثوقية البيانات المصرح بها من طرفها”.
وبالنسبة لمهام مراقبة وتتبع الدعم المخصّص للتعويض عن التسعيرات التفضيلية للانخراط الممنوحة للتلاميذ والطلبة، والمنجزة من طرف المصالح الدائمة للمراقبة، فقد سجل المجلس “اقتصار عمليات المراقبة على تدقيق شروط الاستفادة، دون العمل على فحص صدقية وموثوقية المعلومات الكمية للانخراط المدلى بها من طرف المفوض إليهم، لاسيما المراجع الأساسية والبيانات التفصيلية للعمليات المالية المنجزة من طرف الشركات الفاعلة والمرتبطة بالانخراط”.
أرقام وتسجيلات
أشار التقرير ذاته إلى أن “عدد الفاعلين المفوّض إليهم تدبير مرفق النقل الحضري وشبه الحضري بواسطة الحافلات على المستوى الوطني بلغ 10 شركات خاصة عند متم سنة 2022، تستغل 33 شبكة للنقل بطول 11.000 كيلومتر”، موضحا أن “هذه الشركات حققت، خلال سنة 2021، رقم معاملات يناهز 1,74 مليار درهم، وبلغ عدد مستخدميها أزيد من 8.710 مستخدمين؛ فيما بلغ عدد المرتفقين الذين استخدموا شبكات النقل الحضري بواسطة الحافلات حوالي 305 ملايين شخص”.
وأورد المصدر ذاته أن “السلطات الحكومية وضعت، خلال العقد الأخير، آليات عديدة لدعم هذه الشركات؛ شملت، على وجه الخصوص، التعويض عن الأسعار التفضيلية المخصصة للمتمدرسين والتعويض عن ارتفاع أسعار الوقود بالسوق الداخلي والدعم المقدم للتخفيف من آثار جائحة كوفيد-19، بالإضافة إلى المساهمة في الاستثمارات المنجزة في إطار العقود الجديدة للتدبير المفوض”.
في هذا الصدد، قدم المجلس مجموعة من الملاحظات همت، بالأساس، “الجوانب المتعلقة باستدامة النظام الاقتصادي والمالي لعقود التدبير المفوض، وكيفيات تدبير وتتبع آليات الدعم العمومي المقدم لشركات النقل المفوض إليها، بالإضافة إلى حكامة وتدبير هيئات المراقبة”. فبخصوص المعطى الأول، وجد المجلس “بعض أوجه القصور على مستوى التحديد الدقيق للحاجيات، والتصميم الناجع لشبكات النقل، والإعداد المتسق للوثائق التعاقدية، والتّأطير المحكم للنموذج المالي لاستغلال المرفق”.
وأشارت الوثيقة سالفة الذكر إلى أن المجلس وقف “على مجموعة من النقائص في صياغة بنود العقود، والتي ترجع بالأساس إلى استنساخ السلطات المفوضة للعقود النموذجية المعدة من طرف مصالح وزارة الداخلية دون العمل على تجويدها أو تكييفها مع خصوصيات منظومة النقل الحضري على مستوى الجماعات الترابية المعنية بما يضمن تحسين الخدمة المقدمة للمرتفقين”.
كما لم تعمل الجماعات الترابية، حسب التقرير، “على إرساء مقاربة تحليلية تمكن من توضيح الفرضيات الاقتصادية المعتمدة أو المعايير التي تستند إليها الشركات المفوض لها في إسقاطاتها المالية الخاصة باستغلال الشبكة. فباستثناء العقد المبرم من طرف مؤسسة التعاون بين الجماعات “البيضاء”، لم تقم باقي الجماعات الترابية التي شملتها المهمة الرقابية، والتي يبلغ عددها 13 جماعة، بتضمين العقود المبرمة للبيانات اللازمة لتوضيح التقديرات المالية للمداخيل المرتقبة وتكاليف الاستغلال والاستثمار”.
مآلات الدعم
أما في ما يخص الدعم العمومي المقدم للنقل الحضري وشبه الحضري بواسطة الحافلات، فقد أشار المجلس الأعلى للحسابات إلى أن “الآليات الموضوعة له لا تندرج ضمن رؤية استراتيجية شمولية تهدف إلى تحقيق الاستدامة المالية لعقود التدبير المفوض”، مضيفا أنه “باستثناء الدعم المخصص للتعويض عن التسعيرات التفضيلية للانخراط الممنوحة للتلاميذ والطلبة، تتسم باقي أشكال الدعم بطابعها الاستثنائي والظرفي الذي تمليه في كثير من الأحيان الظرفية الاقتصادية”.
في هذا الصدد لاحظ المجلس، في التقرير الذي اطلعت عليه هسبريس، “غياب إطار توجيهي موحد من شأنه تنظيم شروط منح الدعم العمومي المقدم للمساهمة في الاستثمار الأولي للشركات المفوض إليها، يمكن من تحديد كيفيات الاستفادة من هذا الدعم ويفصل النتائج المتوخاة منه ويرصد مصادر تمويله التي يمكن تعبئتها بشكل مستدام”.
وإلى ذلك، أبرز تقييم آليات التعاقد على الأهداف المرتبطة بالدعم الاستثنائي للتخفيف من آثار جائحة كوفيد19 “غياب منهجية للمراقبة والمحاسبة مرتكزة على أساس النتائج، بحيث تمت صياغة التزامات المفوض إليه الواردة في اتفاقيات التمويل بطريقة عامة ومختصرة، دون تفصيل دقيق للنتائج المتوخاة ودون تحديدها كميا أو ربطها بمؤشرات أداء أو أهداف تنفيذ محددة تمكن من تقييم النتائج والتحقق من بلوغ الأهداف المرصودة من وراء الأموال الممنوحة”.
المصدر: وكالات