كشف تقرير حديث الصدور أن “تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المغرب ازدادت بشكل مطّرد خلال العقدين الماضييْن، بما جعل المملكة أحد أكبر وجهات الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ الأمر الذي نتج أساسا عن مختلف الإصلاحات الجزئية لمناخ الاستثمار بالبلاد”.
وجاء في التقرير الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD أنه “رغم تقّلب التدفّقات في فترات الاضطرابات الاقتصادية العالمية، لاسيما في 2008 و2020، إلا أن المنحى ظل في الاتجاه الإيجابي دائما؛ فعلى سبيل المثال وصلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة سنة 2018 إلى أعلى مستوياتها بعدما وصلت إلى 3,6 مليارات دولار أمريكي، قبل أن تتراجع إلى حدود 1,4 مليار دولار أمريكي عام 2020، لترتفع مجددا إلى 2,3 مليار دولار أمريكي سنة 2022”.
الوثيقة ذاتها ذكرت أن “الاستثمارات الأجنبية المباشرة ساهمت في تطوير القطاع الخاص بالمغرب على مدار العقود الماضية، إذ ارتبطت فلسفتها بالإنتاجية والابتكار وخلق فرص الشغل؛ كما أنها تركزت بالقطاعات الأكثر إنتاجية، التي تتمتع بإمكانيات تشغيلية أكبر”، وزادت: “من المرجح أن الشركات الأجنبية في هذا الصدد ستكون مشارِكَةً في التطوير وعرض التقنيات المختلفة، مع توفيرها فرص عمل أكثر استقرارا مقارنة مع الشركات المحلية”.
التقرير المعنون بـ”مراجعة سياسة الاستثمار في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” أقرّ بكون الاستثمار الأجنبي المباشر بالمغرب “مازال متركزا بالمراكز الاقتصادية الوطنية الرئيسية، رغم الجهود المهمة التي بذلتها الحكومة والجماعات الترابية في وقت سابق بغرض توزيع الاستثمار الأجنبي المباشر على نطاق واسع وخارج المراكز المذكورة”.
وعرّجت الوثيقة ذاتها على “التغييرات القانونية والمؤسساتية التي تقدّمت بها الحكومة بخصوص سياسة الاستثمار، بما يتماشى مع الإستراتيجية الوطنية للاستثمار، بما فيها إنشاءُ وزارةٍ مكلفة بهذا الموضوع، ثم التوجه نحو النظر في وضعية مراكز الاستثمار على المستوى الجهوي؛ فالقانون الإطار الذي تم سنة 2022 يسعى إلى إنشاء إطار شفاف ومنظم للمستثمرين وتحديد آليات دعم الاستثمار الجديدة، في حين أن الأهداف المسطرة في هذا الصدد ترتبط بالوصول إلى 50 مليار يورو من الاستثمار الخاص بحلول سنة 2026 وخلق 200 ألف منصب شغل”.
التقرير الصادر عن المنظمة سالفة الذكر أشار في سياق متصل إلى أن “مختلف هذه الإصلاحات البنيوية التي تشكل جزءا من خارطة الطريق لتحسين مناخ الأعمال ما بين 2023 و2026 مكنت من وضع سياسات أكثر تماسكا وإستراتيجيات وطنية أكثر تكاملا في ما يتعلق بالاستثمار والتنمية الإقليمية؛ فمن شأن الاستمرار في تنفيذ ميثاق الاستثمار وإصلاحات الجهوية المتقدمة المساعدة في تحسين مناخ الأعمال المحلي”، مثمنا قيام المغرب بـ”تطوير سياسات ملائمة لسلوك الأعمال المسؤول منذ الانضمام إلى إعلان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بشأن الاستثمار الدولي والشركات متعددة الجنسيات في 2008”.
المرجع نفسُه ذكر في هذا الصدد أن “الشركات الأوروبية هي المستثمرة الرئيسية في المغرب، إذ مثلت 55 في المائة من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر سنة 2022، في حين مثلت الشركات من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 25 في المائة من المستثمرين في السنة نفسها، بينما تعتبر فرنسا المستثمر الأجنبي الرائد في المغرب، خصوصا في صناعات السيارات والسكك الحديدية، ثم الطاقات المتجددة مؤخرا”.
كما سجّل التقرير أن “الإمارات وإسبانيا تليان فرنسا في المرتبتين الثانية والثالثة على التوالي، في وقت تسعى دول أخرى كسويسرا وبلجيكا والمملكة المتحدة إلى أن تصبح هي الأخرى من المستثمرين المهيمنين في المغرب”، موردا أن هناك بعض التنوع في قاعدة الاستثمار بالمملكة، مع قدوم مستثمرين من آسيا ودول أوروبية.
وثمن المصدر نفسه في الأخير “دور القضاء المغربي في تعزيز التنافسية والنمو الاقتصادي، وذلك من خلال محاكمِه التجارية المتخصصة في التعامل مع النزاعات التجارية والاقتصادية، إذ ساهمت المملكة في توفير آليات بديلة لحل هذا النوع من النزاعات، ولاسيما من خلال تخصيص قانون مفصل لمسائِل التحكيم والوساطة الاتفاقية”.
المصدر: وكالات