يتواصل مسلسل الاحتقان الذي تعرفه مخيمات تندوف، إذ شكل مستهل الأسبوع الجاري مرحلة جديدة للتصعيد الذي يشنه المحتجزون ضد الممارسات الاستبدادية لقيادة الرابوني والسلطات الجزائرية وضد حملة الاعتقالات المتواصلة ضد النشطاء.
وفق صور وفيديوهات متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اطلعت عليها هسبريس، فإن محتجزين من قبيلة رقيبات أشعلوا النيران في إطارات مطاطية وقاموا بإغلاق الطريق أمام والي المدينة الجزائرية.
وبحسب المنشورات ذاتها، فإن أسباب هذا التصعيد تعود إلى حكم ضد أحد أفراد هاته القبيلة، أصدرته المحكمة المحلية بالمدينة الجزائرية، بتهمة تتعلق بالاتجار بالمخدرات.
ويتعارض هذا الحكم مع تعليقات نشطاء تحدثوا عن قيام الفرد سالف الذكر من قبيلة الرقيبات بالتعبير عن معارضته للوضع المتردي في المخيمات، من تضييق اقتصادي وانتهاك لحرية التعبير.
وسبق أن تحدثت تقارير متطابقة عن وجود تنسيق جزائري مع أفراد البوليساريو للتضييق على النشطاء المعارضين، وتكثيف عمليات الاعتقال الموجهة ضد الأصوات الرافضة لسياسية قيادة الرابوني، التي تحرص على حشد المساعدات الغذائية وإعادة توجيهها للعمليات العسكرية ضد المغرب، عوض تقديمها للمحتجزين.
في هذا الصدد، قال محمد سالم عبد الفتاح، باحث مهتم بقضية الصحراء والجوار المغاربي، إن هاته الاحتجاجات “مؤشر دال على تفكك المشروع الانفصالي، وترهل الوضع الأمني في المخيمات”.
وأضاف سالم عبد الفتاح، في تصريح لهسبريس، أن “المحتجزين يضطرون للانتظام في إطارات قبلية لمواجهة ضعف الدعاية والمشروع الانفصالي للبوليساريو”.
وبين الباحث المهتم بقضية الصحراء والجوار المغاربي أن القاطنين في تندوف باتوا يقفون اليوم على مسؤولية الدولة الجزائرية إزاء أوضاعهم المعيشية والأمنية المتدهورة، ما يدفعهم إلى الاحتجاج على المسؤولين الجزائريين كما حدث يوم أمس.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن المتظاهرين قاموا بقطع الطريق عن والي تندوف، ما يعني أن “المحتجزين باتوا يرفضون مصادرة حقوقهم المترتبة عن وضعية اللجوء المفترضة في المخيمات”.
وشدد سالم عبد الفتاح على أن “هاته الاحتجاجات باتت تؤشر على انكسار هيبة التنظيم السياسي للجبهة، من خلال كسرهم حاجز الخوف أمام السلطات الجزائرية التي كانت البعبع المخيف، فهم اليوم تخطوا الاحتجاج أمام مقرات الجبهة للوصول إلى المؤسسات الجزائرية، في تجسيد لتردي الأوضاع”.
من جانبه، سجل عبد الفتاح الفاتحي، خبير في قضية الصحراء، أن “تفاقم الاختلالات الحقوقية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، سبب يعزز انهيار منظومة الحكم لدى قيادة الرابوني”.
وقال الفاتحي، في تصريح لهسبريس، إن “انهيار الموقف التفاوضي للجزائر وجبهة البوليساريو في ملف نزاع الصحراء يفقد أي نوع من الكاريزما التي يتسلط بها على المحتجزين الذين يعانون من انتهاكات جسيمة لحقوقهم”.
وأوضح الخبير في قضية الصحراء أن “قيادة الرابوني عاجزة عن تبرير ممارستها القمعية وعن استيفاء حاجيات المحتجزين الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما يربك ضمان الأمن والاستقرار في المخيمات”.
وشدد الفاتحي على أن “حالات الانفلات الأمني ستتواصل داخل المخيمات، مما يزيد من حدة الاحتقان الذي سيخلق مزيدا من التوتر السياسي والحقوقي”.
المصدر: وكالات