حرّكت الدينامية السياحية التي تعرفها مدينة مراكش نقاش “مقاهي الشيشة”، الذي تراجع منذ أسابيع نتيجة الحملات “الحازمة” التي شنتها المصالح الأمنية بمدينة النخيل ضد هذه الفضاءات الموجودة في نقط قريبة من بعضها وبكثافة، خصوصا في حي جليز والمناطق المتاخمة له؛ وهو ما دفع الفاعلين الحقوقيين إلى “التنبيه مرة أخرى إلى هذه المشكلة”.
وعلى الرغم من أن انتشار “النرجيلة” ليس “مهمة مراكشية” بامتياز، فإنها بالمدينة الحمراء، حسب الحقوقيين الذين تحدثوا إلى هسبريس، صارت تبلغ منحى “مثيرا للقلق، أمام تنامي وجودها في الأحياء السكنية، واتخاذها واجهة للقيام بالعديد من الجرائم المحظورة قانونيا، كتجارة الجنس وترويج المخدرات”، بتعبيرهم؛ الأمر الذي يفسر “إشادة المراكشيين بكل حملة تستهدف هذه المقاهي”.
“ضرر بالصحة”
عمر أربيب، رئيس فرع المنارة مراكش للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، قال إن “الطريقة التي يتم بها تفريخ مقاهي الشيشة بمراكش صارت بالفعل مقلقة لما لها من تهديد للصحة العامة”، مؤكدا أن “هذه المحلات المنتشرة بشكل مخيف تمثل انتهاكا لحقوق الإنسان؛ فالعديد منها يسمح بدخول القاصرين ويتم ترويج المخدرات الصلبة داخلها، لكونها تنشط خلال الليل بطرق مشبوهة”.
وأوضح أربيب، في تصريح لهسبريس، أن “الدولة يتعين أن تحمي الشباب اليوم بتنظيم هذه المقاهي المتبعثرة بشكل ينافي القانون؛ فوزير الداخلية سبق أن أكد أنها غير مرخص لها، وهذا يجعلنا نسائل هذا الانتشار بشكل واضح وبدون تحرك لافت يحاصر الظاهرة رغم الحملات التي تشنها السلطات بين الفينة والأخرى”، لافتا إلى أن “هناك أيضا قرارا يعود إلى 2008 يقضي بعدم الترخيص لهذه المقاهي بمراكش”.
ونبه الحقوقي ذاته إلى “انتشار الاتجار بالبشر في هذه الفضاءات، وتنامي ظاهرة الوساطة في الجنس”، مبرزا أن “العاملين في هذه المقاهي بدورهم يعانون من هضم فظيع للحقوق، بحيث لا يتم التصريح بهم في الضمان الاجتماعي ويشتغلون بشكل غير مهيكل”، وزاد: “بعضها أيضا يتهرب من أداء الضرائب نتيجة هذه الوضعية الضبابية، بحيث نعاين أمامنا مقاه تقدم الشيشة مع علمنا أنها غير مرخص لها”.
“تهديد للقاصرين”
محمد الهروالي، حقوقي وفاعل مدني بمدينة مراكش، لفت بدوره إلى “القلق الذي بات يساور من يعيش بالعمارات السكنية المتاخمة لهذه الأقبية، حيث يتم تقديم الشيشة مقابل أثمنة قد تصل المائة درهم وقد تتعداها أحيانا”، موضحا أن “هذه الظاهرة التي أصبحت علامة ضعف في سجل مدينة النخيل تحتاج اليوم إلى تقنين واضح وبشروط صارمة، باعتبار أن هناك من يريد استهلاكها”.
المتحدث أضاف، في تصريح لهسبريس، أن “المُشرع اليوم عليه أن يخرج هذه النوادي الخاصة بالشيشة من الأحياء السكنية لكونها أولا تزعج الساكنة، وبعضها يكون في أحياء حيث تنتشر المؤسسات التعليمية”، معتبرا أن “هذه المادة تحديدا تعد بداية نحو الانحراف لكونها منتشرة وسهلة في التعاطي لها، ويمكن أن يجربها القاصر فيواصل تدخينها؛ وهو ما جعلنا نعاين انتشار السجائر الإلكترونية بين المراهقين”.
وعلى غرار أربيب، لم ينكر الهروالي أن “هناك نزوعا لدى بعض من يخلقون هذه الفضاءات لإحداث بؤر لجرائم مقنعة؛ بما فيها تجارة المخدرات، وتشكل ملاذا للعديد من المجرمين وذوي السوابق العدلية والفارين من العدالة”، مؤكدا على “ضرورة تدخل السلطات المختصة لإنهاء الوضع، وتهشيم لوبيات الضغط، لأنه ليس معقولا هذه الطريقة التي تنتشر بها، بل غير مفهومة”.
المصدر: وكالات