مشاهد “غير عادية” تلك التي عرفتها مجموعة من مدن جهة الشرق منذ منتصف الأسبوع الماضي، إذ تزايدت قوة الرياح وتلونت السماء بالبرتقالي والأحمر وغمرت الأتربة والرمال الشوارع والأزقة وضعفت الرؤية في الطرقات.
وتناقل قاطنون بالمدن المعنية صورا وفيديوهات وثقت لـ”الظاهرة المناخية” التي وصفوها بـ”المتطرفة”، مؤكدين في التفاعلات التي عاينتها هسبريس أن الأمر بات يتكرّر كثيرا خلال السنة الأخيرة، متسائلين عن أسباب هذه الظاهرة والحلول الممكنة للتخفيف من آثارها، لاسيما أن المواطنين باتوا –في ظل هذه الظروف- مجبرون على التقليل من تنقلاتهم وإن كانت ضرورية.
وفسّر الحسين يوعابد، مسؤول التواصل بالمديرية العامة للأرصاد الجوية، هبوب الرياح الجنوبية الغربية القوية بشرق وجنوب البلاد ومرتفعات الأطلس الكبير والمتوسط وأقصى شمال البلاد إلى تمركز منخفض جوي مصحوب بكتل هوائية باردة في الطبقات العليا على المغرب.
وسجّلت أول أمس الأحد في تمام الساعة السابعة و13 دقيقة صباحا بالتوقيت العالمي الموحد، حسب معطيات قدّمها يوعابد لهسبريس، أقصى سرعات هبات الرياح في مدينة ومطار وجدة، حيث بلغت سرعتها 115 كيلومترا في الساعة، متسبّبة في انخفاض الرؤية الأفقية إلى 200 متر.
وأشار المسؤول ذاته إلى أن هذه الرياح القوية تسببت في إثارة الغبار، حيث تحول لون السماء إلى البرتقالي بسبب تعلق الغبار في الغلاف الجوي، مبرزا أن هذا اللون هو ظاهرة بصرية ناتجة عن انتشار الضوء على جزيئات الغبار وحجب جزيئاته للألوان مثل الأصفر والأخضر والأزرق؛ ما يظهر السماء باللونين البرتقالي أو الأحمر.
في السياق ذاته، قال أيوب كرير، خبير في المناخ والتنمية المستدامة، إن ما عرفته مناطق شرق المغرب، خلال الأيام الماضية، يدخل ضمن ظاهرة العواصف الرملية والغبارية الطبيعية التي تُعرف بها المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية نتيجة هبوب رياح قوية على أراض جافة وخالية من الغطاء النباتي فترفع الغبار إلى طبقة عالية من الجو وتنقله لمسافة طويلة قد تصل إلى آلاف الكيلومترات.
وأضاف كرير، في تصريح لهسبريس، أنه بالرغم من أن هذه الظاهرة مهمة للنظم الإيكولوجية وعنصر أساسي في دورة حياة الأرض؛ فإنها لا تخلو من التأثيرات السلبية على الأراضي والزراعة ومجتمع الإنسان والحيوان والصحة وأسلوب العيش والرفاه، لا سيما حينما تزداد وتيرة حدوثها في منطقة بعينها.
وأشار إلى أن هذه الظاهرة، وفق تقارير الأمم المتحدة، تؤثر على جودة وأفق تحقيق أهداف التنمية المستدامة الدولية؛ ما جعلها تشكل قلقا وتحديا لمجموعة من الحكومات والمجتمع الدولي، ومحط اهتمام مجموعة من المراكز البحثية العالمية والخبراء الدوليين.
ونبّه الخبير في المناخ إلى أن التدخل الإنساني بارز في حدوث هذه الظاهرة المخيفة القادرة على تحويل النهار إلى ليل، لا سيما في ظل التغير المناخي المتسارع والإدارة غير المستدامة للأراضي وهدر المياه ونقصانها.
وذكّر أيوب كرير بمقترحات المنتظم الدولي والأمم المتحدة لإجراءات على الحكومات اتخاذها؛ من بينها وضع نظام للرصد والتنبؤ والإنذار المبكر يعتمد التكنولوجيات الحديثة من أجل الإعداد المسبق لتفادي تبعات هذه الظاهرة، فضلا عن الحوكمة في مكافحة التصحر وتعزيز مساحة الغطاء الأخضر والتشجير.
المصدر: وكالات