عين الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، غابرييل أتال رئيسا جديدا للحكومة، خلفا لإليزابيث بورن التي قدمت استقالتها وسط جدل كبير وتساؤلات حول دوافعها في ذلك، ومنها إن كان الخلاف حول قانون الهجرة هو السبب.
وكشفت وكالة الأنباء الألمانية أن “خلافا حول قانون الهجرة المثير للجدل كان وراء تقديم بورن استقالتها”، وهو القانون الذي جاء، وفق تقارير متطابقة، بهدف “إحكام السيطرة الكاملة للدولة الفرنسية على المهاجرين”.
ويواصل هذا القانون الذي تم إقراره من قبل البرلمان الفرنسي، تلقي انتقادات حقوقية وسياسية متتالية، أقواها كان على لسان رئيسة الحكومة المستقيلة بورن، التي أكدت أن “هنالك تدابير في القانون غير دستورية”.
ووجهت المعارضة اليسارية بفرنسا انتقادات “لاذعة” لهذا القانون، إذ صرح جون لوك ميلنشون بأن “مرور هذا القانون بمثابة نصر مقزز”.
ويحاول الرئيس الفرنسي من خلال تغيير رئيس الحكومة تدعيم صورته في ولايته الثانية، التي تشهد انتقادات متواصلة سواء على المستوى الداخلي أو على نطاق توجهات السياسة الخارجية، خاصة في ملف غزة الذي عرف تحولا متناقضا في خطاب باريس.
ويتهم معارضي ماكرون باستمراره تركيز السلطة بين يديه والتدخل في تفاصيل إدارة الشؤون.
وقال المرشح الأوروبي اليساري رافايل غلوكسمان مازحا على شاشة التلفزيون العام إن “رئيس الوزراء سيكون إيمانويل ماكرون”، وذلك ردا على تعيين أتال رئيسا جديدا للحكومة.
التحكم في الحكومة
في هذا الصدد، قال عمر المرابط، محلل سياسي مختص في الشأن الفرنسي، إن “تعيين أتال رئيسا للحكومة الفرنسية جاء بفعل رغبة ماكرون في وجود نائب لرئيس الوزراء الفعلي هو نفسه حتى يطبق سياسته بأريحية”.
وأضاف المرابط، في تصريح لهسبريس، أن “بورن رحلت لأنه لم يعد أمامها أن تقدم أي شيء جديد، كما أنها فشلت إلى جانب وزير الداخلية في تمرير مشروع قانون الهجرة رغم إقراره من قبل البرلمان”.
ومن بين الأسباب الأخرى، وفق المختص في الشأن الفرنسي، ضعف الأداء الحكومي لبعض الوزراء في الحكومة الفرنسية، أبرزهم وزير الداخلية، ووزيرة الخارجية التي لم تفرض وجودها ولم تكن فاعلة في حرب غزة.
وأشار المتحدث إلى أن “مشروع قانون الهجرة المثير للجدل يوجد الآن في الجمعية الدستورية، وماكرون نفسه أقر باستحالة مرور بعض بنوده في هاته الجمعية، لذا من المقرر أن يتم تعديلها”.
وشدد المرابط على أن “ماكرون سبق أن أعلن رغبته بإجراء تغييرات في الحكومة، حتى قبل تمرير قانون الهجرة الذي يعد ورقة فاشلة في حكومة بورن. وعليه، فقد كان واجبا على الرئيس اتخاذ خطوة التغيير فعليا”.
ضبابية المشهد
من جانبها، قالت المحللة السياسية شريفة لموير: “من المستبعد القول إن استقالة رئيسة الحكومة فيه شيء من التخبط، خاصة وأنها جاءت بعد الضجة التي خلقها قانون الهجرة الذي برزت من خلاله انقسامات حتى بين الموالين للرئيس ماكرون”.
وأضافت لموير، في تصريح لهسبريس، أن “هاته الخطوة التي شهدت استقالة رئيسة الحكومة هي محاولة للدفع بولاية ماكرون حتى ولو كان لا يحظى خلالها بغالبية مطلقة تسمح له بالحكم بأريحية”.
وأشارت المحللة السياسية ذاتها إلى أن “هذا الأمر محاولة من الرئيس ماكرون لإعطاء نوع من الزخم لولايته قبيل الانتخابات البرلمانية”، مبينة أن “الإفصاح في هاته المرحلة بالذات عن قرب القيام بتعديل حكومي، هو بمثابة جس للنبض، ومعه ترك باب التراجع عن هذا القانون أو اعتماده مفتوحا”.
وشددت المتحدثة على أن قانون الهجرة الفرنسي خلق أزمة داخل الحكومة، “لكن من جانب آخر، فإن الحديث عن تراجع ماكرون عن هذا القانون أو اعتماده سابق لأوانه؛ لأن المشهد السياسي الفرنسي يعرف نوعا من الضبابية، خاصة في هاته المرحلة”.
المصدر: وكالات