تعكف الحكومة المحلية لجبل طارق على إنشاء طريق تجاري جديد مع المملكة المغربية، في ظل سعيها إلى إيجاد بدائل اقتصادية في حالة تواصل تعرقل وجود اتفاقية اقتصادية بين لندن وبروكسيل بعد نتائج “البريكست”.
وكشفت وسائل إعلام محلية عن “رغبة الحكومة المتمتعة بالحكم الذاتي والتابعة للتاج البريطاني، وشركات محلية، في البحث عن بدائل أخرى للتجارة الخارجية، خاصة أن الاعتماد الكبير على إسبانيا أصبح يقلق الفاعلين الاقتصاديين المحليين، الذين يشاهدون غياب دلائل قوية لتحقيق اتفاقية اقتصادية جديدة مع الاتحاد الأوروبي”.
وسبق أن أعلنت حكومة جبل طارق عن خطوات مهمة لتعزيز التبادل التجاري مع المملكة المغربية، من بينها: “مكتب شركة جبل طارق المغرب للتبادل التجاري” بمدينة طنجة، وإنشاء جمعية للأعمال بين البلدين، أعلنت مؤخرا عن رغبتها في فتح خط تجاري مع المغرب.
ومؤخرا تأثرت العلاقة التجارية بين كل من جبل طارق وإسبانيا، إذ في منتصف يوليوز المنصرم رفضت مدريد اقتراح الحكومة المحلية لجبل طارق خفض الضريبة على القيمة المضافة إلى نسبة 11 بالمائة، وفي فبراير من العام الجاري اتهمت جبل طارق قوات البحرية الإسبانية بانتهاك سيادة الإقليم البريطاني عبر إطلاق النار على مهربين.
التعاون المغربي البريطاني
رشيد ساري، خبير اقتصادي، يرى أن “هذه الرغبة تندرج في إطار نجاح التعاون الاقتصادي الذي يجمع في الأساس بين بريطانيا والمغرب”.
وأضاف ساري في تصريح لهسبريس أن “رغبة تعزيز التعاون التجاري بين جبل طارق والمغرب أصبحت تتنامى بشكل كبير في السنوات الأخيرة، رغم وجود صعوبات طبيعية، ولوجستية”.
وأورد الخبير الاقتصادي عينه أن “تحقيق التقارب الاقتصادي بين جبل طارق والمغرب سيتم تسريعه في ظل الاتفاق الإستراتيجي التجاري الذي يجمع لندن بالرباط، ويعرف مشاريع مهمة على غرار الربط البحري الكهربائي”، وتابع شارحا: “هدف بريطانيا بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي هو تحقيق تعاون اقتصادي مثمر مع دول عديدة، وذلك وفق المنظور البريطاني، وليس وسط تحكم أوروبي”.
كما شدد ساري على أن “التعاون الاقتصادي المقبل بين الرباط وجبل طارق لا يمكن أن ينعكس سلبا على مدريد، باعتبار أن الأمر يندرج وفق التعاملات الاقتصادية فقط، التي لا تمتلك بعدا سياسيا”.
إضعاف سبتة ومليلية
سجل خالد حمص، محلل اقتصادي، أن “جبل طارق من أكبر المتضررين من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يدفع الحكومة المحلية إلى البحث عن أسواق جديدة للتجارة الخارجية”.
وأضاف حمص لهسبريس أن “جبل طارق تتوفر على اقتصاد قوي، ومركز مالي رائد، خاصة أنها تعتمد على الضرائب الخاصة بالشركات المستوطنة، وصناعة السفن، والسياحة البحرية، إلى جانب خبرة كبيرة في تحلية مياه البحر، وهي معطيات كبيرة يمكن أن تستفيد منها المملكة مستقبلا”.
وأشار المحلل الاقتصادي عينه إلى أن “التعاون التجاري مع المغرب بالنسبة لجبل طارق أمر ضروري في ظل توفر الرباط على بنية لوجيستية قوية ورائدة على المستوى القاري”.
وبحسب المتحدث عينه فإن “هاته الشراكة مفيدة للطرفين، بحيث يمكن للمملكة أن تستفيد من صناعة السفن الرائدة في هذا الإقليم البريطاني، وكذا جذب السياح، وفتح سوق جديدة للشركات المغربية”.
وفي السياق عينه بين حمص أن “توسيع الشراكة بين الطرفين سيمكن الرباط من جذب المستثمرين الأجانب المتواجدين في جبل طارق، الذين يستفيدون من ضرائب أقل في هذا البلد”.
كما أكد المصرح لهسبريس أن “تحقيق ربط بحري بين الجانبين سيمكن من تعزيز العلاقات التجارية إلى مستويات كبيرة، وسيضعف في المقابل اقتصاد سبتة ومليلية المحتلتين، ما سيزيد من تقوية الملف التفاوضي للمملكة حول أراضيها”.
وخلص المحلل الاقتصادي إلى أن “مضيق جبل طارق من المضايق الحساسة في خريطة التجارة العالمية، باعتبار وجود حركو تجارية قوية في هذا المكان، ما يعني أن ربط علاقات تجارية مع هذا المكان التجاري أمر ضروري ومفيد”.
المصدر: وكالات