دخلت مخيمات تندوف في حالة من الفوضى خلال الفترة الأخيرة، وذلك بعد اندلاع صراع بين قبيلتي اسكارنة والفقرة، إذ كشف منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بمخيمات تندوف، المعروف اختصارا بـ”فورساتين”، أن الوضع الأمني بهذه المخيمات خرج عن سيطرة قيادة جبهة “البوليساريو” الانفصالية.
وذكر المصدر ذاته أن الصراع “عرف تطوراً إلى مستويات خطيرة بعد تدخل عناصر ينتمون لقبائل أخرى لمؤازرة أصدقائهم في تجارة المخدرات من قبيلة السكارنة، حيث اجتمعت مجموعة من المهربين ينتمون لقبائل أولاد دليم ولعروسيين، بعد دعوة من رفاقهم من قبيلة السكارنة التي تخوض صراعا دمويا مع قبيلة الفقرة”.
وأضاف “فورساتين” أن هذا الوضع الذي عرف حمل السلاح دون استعماله، والاستعراض خارج مخيم 27 فبراير، “دفع السلطات الجزائرية إلى التدخل لأول مرة بشكل رسمي داخل مخيمات تندوف، حيث بعثت بقوة من الدرك الجزائري لتطويق المكان، وحالت دون حدوث مجزرة بين الطرفين، ولمنع المواجهة بالرصاص الحي، لاسيما في ظل ضعف قيادة البوليساريو، وعدم قدرتها على احتواء خلاف بسيط”.
العباس الوردي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن “ظهور الصراع بشكل واضح هذه المرة يؤكد أن الساكنة قد ضاقت الأمرين وأصبحت ترسل إشارات إلى المنتظم الدولي بأنها تنتفض ضد القوى الجزائرية في تندوف، وضد الانفصال والإرهاب الذي يُمارس عليها من طرف البوليساريو، وتعريفه بالوضع القائم في هذه المخيمات البعيد جداً عن أبسط شروط العيش وحقوق الإنسان، الذي سبق أن كشفه المغرب بالدلائل ونبّه إلى خطورة تفاقمه”.
وعن تدخل الجزائر لفرض النظام بالمخيمات، قال الوردي، ضمن تصريح لهسبريس، إن ذلك “دليل على أنها (الجزائر) لم تعد تتوارى وراء الستار في دعم الجبهة الانفصالية، وتأكيد أيضا على أن المخيم جزائري محض، ما يجعلها أمام فضيحة دولية”، وفق تعبيره.
وأشار الخبير في العلاقات الدولية إلى أن “تدخل الدرك الجزائري لفرض النظام في هذه المخيمات يؤكد ضرب الجزائر قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة عرض الحائط، وتشبثها بدعم الإرهاب والتطرف وتأجيج الوضع الأمني على مستوى دول شمال إفريقيا والصحراء”.
من جانبه، قال محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن “جميع التكهنات كانت تشير إلى أن الوضع الأمني داخل تندوف لا يمكن أن يستمر على حاله، بالنظر إلى هشاشته في ظل تطاحنات ومواجهات في الأوساط التنظيمية لجبهة البوليساريو وغياب التوافق بين القيادات السابقة والجيل الجديد”.
وأضاف الغالي، في حديث لهسبريس، أن “هناك جهات تصر على ضرورة التحرر من التحكم الجزائري فيما يتعلّق بتحديد العلاقة مع المملكة المغربية، وإدارة وتدبير الأمور بمنطق وروح أخرى تتماشى والتحولات الجديدة، لاسيما ما يتعلّق بالأرضية السياسية للحكم الذاتي، بينما تصر أطراف أخرى موالية للجزائر على بقاء الحال كما هو”.
من جانب آخر، يضيف الخبير في العلاقات الدولية، “تؤجج سيطرة أطراف دون أخرى على المساعدات الموجهة نحو المخيمات هذا الصراع داخل جبهة البوليساريو، فضلا عن منح مناصب قيادية داخل التنظيم وتمثيلياته في الخارج للمنتمين إلى قبيلة دون أخرى أو بنسب متفاوتة”.
المصدر: وكالات