في ظل التحديات البيئية المتزايدة، تواجه الواحات بالجنوب الشرقي للمغرب أزمة حقيقية تهدد بقاءها واستدامتها. بعد سلسلة من الفيضانات الأخيرة، وجدت هذه المناطق نفسها في مواجهة مباشرة مع الطبيعة، مما أدى إلى أضرار جسيمة في البنية التحتية والأراضي الزراعية.
وفي هذا السياق، كشف عدد من المهتمين بالمجال الواحي أن الاهتمام والدعم الحكومي يتركز بشكل أكبر على مناطق شجر الأركان؛ وهو ما أثار استياء وسخط الفلاحين والمسؤولين المحليين في مناطق الواحات، الذين سجلوا أن الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان أصبحت تولي أهمية كبيرة لمناطق الأركان أكثر من الواحات.
أكد عبد العزيز أمغار، فلاح بواحة زيز وفاعل في المجال البيئي، أن الواحات الجنوبية الشرقية تعاني منذ سنوات من الإهمال، حيث تعرضت للجفاف المتكرر الذي أضعف من قدرتها على الاستمرار، مضيفا في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الفيضانات الأخيرة كانت ضربة قاسية؛ لكن النقص في الدعم الحكومي يعتبر ضربة أقسى.
من جهتهم، أشار الفلاحون إلى أن الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان قد أولت اهتماماً أكبر بمناطق شجر الأركان؛ وهو ما أدى إلى تهميش الواحات وتركها تواجه مصيرها بمفردها، مطالبين بضرورة إيلاء الأهمية الكبرى للواحات، أو تقسيم الوكالة الوطنية إلى وكالتين مستقلتين تعنيان بالواحات وشجر الأركان.
في هذا السياق، بدأت تتعالى الأصوات المطالبة بتدخل عاجل لتقييم الأضرار الناجمة عن الفيضانات وتخصيص ميزانيات لإصلاحها. كما يرى الفلاحون والمسؤولون المحليون أنه من الضروري أن تقوم الوكالة سالفة الذكر بدورها في تقديم الدعم اللازم لإعادة بناء البنية التحتية وتعزيز القدرات الزراعية في هذه المناطق.
وقال أحد الفلاحين من منطقة أرفود، في تصريح لهسبريس، “نحن نعيش على هذه الأرض منذ أجيال، ولكن بدون دعم، سنفقد كل شيء”، مضيفا أن مناطق الواحات تحتاج إلى دعم واهتمام، ليس فقط للحفاظ على إنتاجيتها؛ بل أيضاً لضمان استمرارية الحياة فيها.
وحسب إفادة الفلاح، فإن التحديات تتمثل في توفير مياه الري الكافية، وتحسين البنية التحتية للري، وتعزيز مقاومة المحاصيل للظروف القاسية، كما أن هناك حاجة ماسة إلى تطوير برامج دعم ومساعدة للفلاحين لتبني تقنيات زراعية حديثة تساعد في مواجهة التغيرات المناخية.
من جهة أخرى، أكد الحسين إعزا، فاعل في المجال الواحي بمنطقة تزارين، أن الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات عليها أن تعيد تقييم أولوياتها وتضع استراتيجية متوازنة تأخذ في الاعتبار تنمية جميع المناطق بشكل عادل، مشددا على أن الواحات الجنوبية الشرقية ليست مجرد أراض زراعية؛ بل هي جزء من التراث الثقافي والبيئي للمغرب.
وكشف مسؤول من السلطة المحلية، تحدث إلى هسبريس، أن إنقاذ الواحات بالجنوب الشرقي ليس مجرد مسؤولية حكومية؛ بل هو واجب وطني يتطلب من كل فرد ومؤسسة أن تساهم في هذا الجهد.
وأضاف المسؤول ذاته أن التنمية المستدامة لهذه المناطق تعني الحفاظ على توازن بيئي يمكن أن يكون نموذجاً للتعامل مع التحديات المناخية في المستقبل، موضحا أن الواحات الجنوبية الشرقية تواجه تحديات كبيرة؛ لكن مع التعاون والإرادة الجماعية يمكن تحويل هذه التحديات إلى فرص لتنمية مستدامة وشاملة.
ومن أجل الحصول على تعليق من كمال المحاسني، مدير تنمية مناطق الواحات (مقرها بمدينة أرفود) التابعة للوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، اتصلت جريدة هسبريس الإلكترونية بالمسؤول المذكور هاتفيا أكثر من مرة، كما أرسلت إليه رسالة نصية ورسالة عبر تطبيق التراسل الفوري “واتساب”؛ غير أنه لم يجب على أيّ من وسائل الاتصال.
المصدر: وكالات