تراجعت نسبة الأصوات التي حصل عليها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بعدما أفادت وسائل إعلام رسمية بتقدمه في وقت مبكر مساء الأحد، إلى أقل من 50% بعد فرز 90 % من الأصوات، بحسب وكالة أنباء الأناضول الحكومية، ما يفتح الباب أمام جولة ثانية في 28 ماي.
وقرابة الساعة 23,00 (20,00 ت غ)، كان إردوغان قد حصل على نسبة 49,94 % من الأصوات من حوالى 90 % من بطاقات الاقتراع التي فرزت، وفقا لوكالة الأناضول.
وحتى لو كان مرجحا أن تتغير هذه الأرقام، بالنسبة إلى المرشح الذي حل ثالثا في هذه الانتخابات سنان أوغان الذي حصل على نسبة 5 % من الأصوات، فإن هذه النتائج تفتح الطريق أمام جولة ثانية في 28 ماي. وإذا كانت الحال كذلك، ستكون سابقة في تاريخ الجمهورية التركية الحديثة.
وقال أوغان “أمامنا 15 يوما صعبة في حال توجهنا إلى جولة ثانية” رافضا تحديد المرشح الذي سيدعمه.
وللفوز في الانتخابات الرئاسية، يجب أن يحصل أحد المرشحين الرئيسيين على أغلبية 50 % من الأصوات زائد واحد.
وأثناء انتظار النتائج النهائية، خاض الطرفان معركة أرقام وطلبوا من مراقبيهم البقاء في مراكز الفرز “حتى النهاية”.
وكانت معركة أرقام بدأت مساء الأحد في تركيا بعد فرز جزئي لبطاقات الاقتراع.
أفادت وكالة أنباء الأناضول الرسمية أن إردوغان تصدر مساء الأحد نتائج الانتخابات الرئاسية بعد فرز أكثر من 40 في المئة من بطاقات الاقتراع.
وأضافت الوكالة أنه حتى الآن، حاز إردوغان الذي يتولى الحكم منذ عشرين عاما، 52,4 في المئة من الأصوات مقابل 43,8 في المئة لمرشح المعارضة كيليتشدار أوغلو.
وحصل المرشح الثالث في السباق سنان أوغان على حوالى 5 في المئة من الأصوات.
إلا أن كيليتشدار أوغلو أعلن مساء الاحد أنه يتصدر النتائج متقدما على إردوغان.
وكتب على تويتر “نحن في الصدارة”، رافضا الأرقام التي نشرتها وكالة أنباء الاناضول.
بدوره، طلب رئيس بلدية اسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو الذي قد يعين نائبا للرئيس إذا فاز كيليتشدار أوغلو، من المواطنين عدم تصديق الأرقام التي نشرتها وكالة أنباء الأناضول الرسمية التركية، وقال “نحن لا نصدق (وكالة) الأناضول بتاتا”.
وأظهرت أرقام محطة “خلق تي في” التلفزيونية المقربة من حزب الشعب الجمهوري مساء الأحد تقدما طفيفا لكيليتشدار أوغلو بنسبة 47,71 % مقابل 46,5 % لإردوغان.
من جهتها، أفادت وكالة “أنكا” الخاصة أن إردوغان حصل على 47,6 في المئة من الأصوات وكيليتشدار أوغلو على 46,6 في المئة من أكثر من نصف (52 %) البطاقات التي فرزت حتى وقتها.
في اسطنبول، المدينة الكبرى التي يبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة، قد تساعد نسبة 20 % من الأصوات التي لم تفرز بعد كيليتشدار أوغلو على تقليص الفجوة.
وفي مدينة ديار بكر التي تسكنها أغلبية كردية في جنوب شرق البلاد، حصل كيليتشدار أوغلو على أكثر من 71 % من الأصوات التي فرزت حتى الآن 80 %، بحسب الأناضول.
منذ فتح صناديق الاقتراع عند الساعة 08,00 (05,00 ت غ) حتى الدقيقة الأخيرة 17,00 (14,00 ت غ)، ضاقت مكاتب الاقتراع بالناخبين الذين انتظروا أحيانا لساعات.
ولم تعلن بعد رسميا نسبة الإقبال التي يعتقد أنها بلغت حوالى 90 %.
بعد قرن على تأسيس الجمهورية، جرت الانتخابات في أجواء من الاستقطاب الشديد بين المرشحين الرئيسيين إردوغان (69 عاما) وكيليتشدار أوغلو (74 عاما) الذي يقود حزبا ديموقراطيا اجتماعيا وعلمانيا.
وأعرب الرئيس التركي المنتهية ولايته الأحد عن أمله في أن تكون نتيجة الانتخابات الرئاسية “جيدة لمستقبل البلاد”، بدون أن يصدر تكهنات بشأن فوزه.
من جهته، صرح كيليتشدار أوغلو بعدما أدلى بصوته في الانتخابات في أنقرة إن بلاده “اشتاقت للديموقراطية”.
يبلغ عدد الناخبين المسجلين 64 مليون ناخب كان عليهم اختيار أعضاء برلمانهم أيضا في كل أنحاء هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 85 مليون نسمة ويشهد تقليديا إقبالا على التصويت يتمثل بنسب مشاركة تزيد على ثمانين في المئة.
ويقود كيليتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي أنشأه مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة ائتلافا من ستة أحزاب متنوعة من اليمين القومي إلى يسار الوسط الليبرالي.
كما حصل على دعم حزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد ويعتبر القوة السياسية الثالثة في البلاد.
وخلال الانتخابات الرئاسية السابقة التي جرت في 2018، فاز إردوغان من الدورة الأولى بعد حصوله على أكثر من 52,5 في المئة من الأصوات. لذلك، سيشكل احتمال تنظيم دورة ثانية في 28 ماي في اقتراع انتكاسة له.
ووعد إردوغان باحترام حكم صناديق الاقتراع الذي يراقبه مئات الآلاف من مؤيدي الجانبين.
يجري الاقتراع هذه المرة في بلد انهكته أزمة اقتصادية مع انخفاض قيمة عملته بمقدار النصف تقريبا خلال عامين وتجاوز نسبة التضخم 85 بالمئة في الخريف.
وقادت صدمة زلزال السادس من فبراير الذي أدى إلى انهيار عشرات الآلاف من المباني وتسبب بمقتل خمسين ألف شخص على الأقل وبتشريد أكثر من ثلاثة ملايين آخرين، إلى التشكيك في قوة الرئيس الذي يمتلك كل الصلاحيات.
وكان إردوغان اعتمد على قوة قطاع البناء خصوصا مشيرا إلى إنجازاته العظيمة التي أدت إلى تحديث تركيا، ليبرز نجاحه خلال العقد الأول من توليه السلطة، كرئيس للحكومة أولا. لكن الزلزال كشف فساد المقاولين والسلطات التي أصدرت تصاريح البناء في تحد لقواعد الوقاية من الزلازل.
من جهته، استخدم كيليتشدار أوغلو ورقة التهدئة واعدا بإقامة دولة القانون واحترام المؤسسات، التي تضررت خلال السنوات العشر الماضية بميول إردوغان الاستبدادية.
وقال كيليتشدار أوغلو مساء السبت في رسالة أخيرة بالفيديو إن “مشروعي الأكثر جنونا هو إعادة الديموقراطية إلى هذا البلد وهذه العودة ستثير حماسة العالم بأسره”، بينما كان الرئيس يختتم حملته بالصلاة في آيا صوفيا الكنيسة السابقة التي تحولت مسجدا في اسطنبول.
قال الخبير السياسي أحمد إنسل الذي يقيم في الخارج في باريس إن “هزيمة إردوغان ستظهر أنه يمكننا الخروج من نظام استبدادي راسخ عبر صناديق الاقتراع”.
من جهته قال بيرم بالسي الباحث في “مركز الدراسات الدولية-علوم سياسية” في باريس والمدير السابق للمعهد الفرنسي لدراسات الأناضول إن “فوز كيليتشدار أوغلو سي ظهر أنه يمكننا تحقيق انتقال سلس في بلد مسلم”.
وتجري الانتخابات وسط متابعة دقيقة من الخارج لما قد يشكل “ربيعا تركيا”، إذ إن هذا البلد العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) يتمتع بموقع فريد بين أوروبا والشرق الأوسط ولاعب دبلوماسي رئيسي.
المصدر: وكالات