تقترب العطلة الصيفية من نهايتها ويستعد ملايين الطلاب في أوروبا للعودة إلى مدارسهم، في طقوس سنوية تمثل مهمة أساسية في المجتمع، ألا وهي تعليم الجيل الجديد.
وتتحمل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي المسؤولية الأساسية عن سياسات التعليم، ولكن هناك مجموعة من المشكلات الهيكلية يعاني منها هذا القطاع.
“البرنامج الدولي لتقييم الطلاب”: تراجع في أوروبا
أظهرت دراسة أجراها في عام 2022 “برنامج التقييم الدولي للطلاب” (بيسا)، الذي تديره منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، انخفاضا في أداء الطلاب على المستوى العالمي.
وأجرت دراسة “بيسا” تقييما للأداء الأكاديمي للطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و16 عاما، في 81 دولة، وأظهرت أن أوروبا تشهد تراجعا غير مسبوق في الأداء التعليمي بالعديد من مجالات التعلم الرئيسية، وفي مواد مثل الرياضيات والقراءة.
وذكرت الدراسة أنه “بالمقارنة مع عام 2018، تراجع متوسط الأداء بمقدار 10 نقاط في القراءة، ونحو 15 نقطة في الرياضيات، وهو ما يعادل ثلاثة أرباع قيمة التعلم لمدة عام”.
وأضاف التقرير أن “الانخفاض في الأداء في مادة الرياضيات أكبر بثلاثة أمثال من أي تغيير متعاقب سابق”.
ويجري “بيسا” هذه الدراسة كل ثلاث سنوات، منذ عام 2000.
وكان هذا التقرير هو الأول منذ اندلاع جائحة “كوفيد-19″، التي جرى خلالها إغلاق العديد من المدارس، مما ترك أثرا سلبيا على اكتساب المهارات.
وأشارت الدراسة التي أجريت في عام 2022، إلى تمكن عدد قليل من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من تحسين أجزاء من النتائج خلال الفترة ما بين عام 2018 (عندما جرى إجراء المسح السابق) وعام 2022.
وحققت اليابان تحسنا في مادتي القراءة والعلوم، على سبيل المثال، بينما شهدت إيطاليا وأيرلندا ولاتفيا أيضا تحسنا في العلوم.
وبحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، جاء التراجع واضحا على نحو خاص في عدد قليل من البلدان. فقد سجلت بولندا والنرويج وأيسلندا وألمانيا تراجعا بمقدار 25 نقطة، أو أكثر، في الرياضيات خلال الفترة بين عامي 2018 و2022.
وفي إسبانيا، جاءت الدرجات في الرياضيات (473)، والقراءة (474)، والعلوم (485)، دون المتوسط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهو 480 و482 و491 على الترتيب.
وفي أعقاب هذه النتائج، أعلنت الحكومة الإسبانية خطة تعزيز في مجال التعليم بهدف تحسين تدريب جميع معلمي الرياضيات في المرحلتين الابتدائية والثانوية-حوالي 180 ألفا-في غضون ثلاث سنوات، وضمان أن نسبة الطلاب في سن الـ15، أصحاب الأداء المنخفض في القراءة والفهم والرياضيات والعلوم، سوف تصل إلى أقل من 15% في عام 2030.
وفي بلغاريا، ظلت نتائج الطلاب بحسب الدراسة التي جرت في عام 2022 سيئة، حيث فشل 54% من الطلاب في البلاد في تلبية المعيار الأساسي للرياضيات.
استمرار نقص المدرسين والعاملين
وفي خضم الجهود المتواصلة لتحسين جودة التعليم وأدائه، تواجه المدارس تحديا واسعا آخر، يتمثل في النقص المتنامي في أعداد المعلمين والعاملين.
وفي سلوفينيا، جرى تسجيل أكثر من 3200 فرصة عمل في مجال التعليم على مدار شهر يوليوز الماضي، وكان معلمو المدارس الابتدائية والروضة ضمن المهن الأكثر طلبا.
وبحسب وزارة التعليم السلوفينية، فإن النقص أكثر حدة في مواد الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلوم الكمبيوتر والتكنولوجيا.
وفي بلغاريا، حذر رئيس اتحاد المديرين في نظام التعليم العام، ديان ستاماتوف، من النقص واسع النطاق في معلمي الرياضيات والفيزياء.
وخلص استطلاع أجراه معهد ألينسباخ لقياسات الرأي في ألمانيا، لصالح مؤسسة دويتشه تيليكوم، إلى أن الألمان يفقدون الثقة في النظام التعليمي ببلادهم.
وتعتقد أغلبية واسعة من الألمان، بواقع 80%، أن الساسة لا يعطون أولوية كافية للتعليم، حيث تشمل المشكلات الأكثر إلحاحا في هذا القطاع نقص المعلمين، وزيادة عدد الدروس الملغاة، وعلاقة المناهج الدراسية بسوق العمل.
وفي فرنسا، دعت ثلاث نقابات للمعلمين إلى خوض إضراب في المدارس الابتدائية يوم العاشر من شتنبر الجاري، للاحتجاج على تطبيق عمليات تقييم موحدة للتلاميذ الأصغر سنا في مجالات التعلم الرئيسية.
وقالت جيسلين ديفيد، الأمين العام لاتحاد معلمي المدارس الابتدائية، إن هذه التقييمات “ليس لها أي تأثير على نجاح الطلاب ولا تتعلق بجميع مجالات التعليم”.
ويسعى المعلمون في فرنسا أيضا إلى إثارة المخاوف بشأن ظروف العمل المتردية في المدارس ــ وخاصة عدد الطلاب داخل فصول الدراسة، وهو أعلى من المتوسط الأوروبي ــ إلى جانب غياب حوافز التشجيع على الانضمام لمهنة التدريس. وهناك ما يربو على 3000 وظيفة شاغرة في قطاعي التدريس العام والخاص.
المصدر: وكالات