هيا ننظر إلى فرنسا من شرقها.
وقعت فيضانات درنة في ليبيا صبيحة 10-9-2-2023 وبعد يومين من الطوفان الليبي وصل 6000 مهاجر في يوم واحد إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية. يمكن للكوارث الطبيعية أن تتسبب في كوارث سياسية واجتماعية.
هكذا بدأ الدخول السياسي والاجتماعي في جنوب وشمال المتوسط.
بغرض مواجهة طوفان الهجرة قررت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أن كل من مهاجر غير قانوني يصل إلى الأراضي الإيطالية سيسجن 18 شهرا.
رفضت مصادر في الاتحاد الأوروبي في بروكسيل هذا الظلم باسم حقوق الانسان.
وما العمل؟
رفض الحزب الديمقراطي الإيطالي الاحتجاز الفاشي، وقدم البديل الديمقراطي، وهو “إعادة توزيع المهاجرين في ما بين دول أوروبا”. بنى الزعيم الديمقراطي الإيطالي اقتراحه على أن دول أوروبا تستقبل عشرات آلاف الأوكرانيين بصدر رحب.
يمكن لإيطاليا أن توزع المهاجرين وتبعث لكل بلد نصيبه من سكان إفريقيا.
وأكدت الألمانية رئيس المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، على تقسيم المهاجرين، فأثارت جنون اليمين الفرنسي، وطالبها بالرحيل لأنها لا شرعية لها وهي المنتخبة. اليمين الفرنسي ليس ديمقراطيا. يثبت الهجوم على رئيسة المفوضية أن مصالح الدولة القومية أقوى، يثبت أن أوروبا ليست موحدة كما يبدو… لكن السوق المجيدة الحرة تعمل لتقلل الصدامات. كلما ساءت العلاقات أو تدهورت الأوضاع الاقتصادية الأوروبية ارتفعت الأصوات المنذرة بناهية اليورو.
فورا سقط جواب وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان: “لن نستقبل أحدا من الواصلين إلى جزيرة لامبيدوزا”، وزاد بسخاء لفظي أنه يريد “مساعدة إيطاليا على مراقبة حدودها” الخارجية.
هيا ننظر إلى فرنسا من شرقها.
فورا تلقى وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان الجواب من روما: “كفى ثرثرة”. يبدو أن من نهب إفريقيا هو أول من يرفض استقبال مهاجريها. أي جشع وجحود.
حسب خطة الحكومة الإيطالية سيتم إنشاء مراكز الاحتجاز اللازمة لأي شخص يصل بشكل غير قانوني إلى إيطاليا.
الاحتجاز؟
للكلمة صدى تاريخي رهيب.
هذا لا يشرّف بروكسيل البعيدة عن لامبيدوزا. هناك يعترضون على الاحتجاز وفي باريس يعترضون على تقسيم حصص الأفارقة.
وهذا ما سيضمن غضب وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيتي الذي سبق وطالب الفرنسيين بالتخلص من إيمانويل ماكرون؛ طالبهم في بداية 2019 بالتخلص من رئيس سيئ جدا. وهذا خطاب رسمي لكل حركة النجوم الخمس الإيطالية؛ في ماي 2023 هاجمت ميلوني في باريس، وطالبت روما باعتذار فرنسي بعد “تصريح مهين” ضد ميلوني.
ستضمن واقعة رفض تقسيم المهاجرين جنون رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، وستُسمع إيمانويل ماكرون ما يخجل قادة دول جنوب المتوسط من قوله.
لقد سبق لميلوني أن هاجمت فرنسا التي تستغل إفريقيا وترفض استقبال أبنائها. ميلوني أبوها شيوعي وأمها يمينية فصارت امتدادا لبينيتو موسيليني وقد احتضنها الأب الروحي سيلفيو برلسكوني.
تتهم جورجيا ميلوني فرنسا بالوقوف خلف الفقر في إفريقيا، وأضافت أن باريس تجبر الدولة الإفريقية على تسليم أكثر من 50٪ من صادراتها لها، وأنها تطبع عملة 14 دولة وتحقق ربحا.
وسبق لميلوني أن انتقدت فرنسا ورئيسها إيمانويل ماكرون لاستخدام عمالة الأطفال في مناجم الذهب في بوركينافاسو.
هذا يفسر حجم السخط في عيون الرئيس البوركينابي الضابط إبراهيم تراوري حين كان تحدث عن بؤس إفريقيا.
يبدو أن ميلوني فضحت وساهمت في غضب الضباط الأفارقة ضد سياسة فرنسا الاستعمارية.
لن يغفر الفرنسيون، وخاصة وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، الرئيس القادم، لجورجيا ميلوني تصريحاتها وهي في اللب تشبهه في مواقفه من الهجرة والإسلام.
قريبا سنرى مباريات مشوقة بين ورثة بينيتو موسيليني ضد ورثة حكومة فيشي والمارشال فيليب.
كلما تعاركوا عرفنا نحن أكثر.
في هذا السياق سيحتاج الدبلوماسي المغربي إلى تطبيق حكايات إيسوب وكليلة ودمنة وقواعد الشطرنج للّعب على موازين القوى المتحولة في الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط.
المصدر: وكالات