اضطرت جهة الدار البيضاء-سطات، إلى إلغاء صفقة تواصل ضخمة، تقدر قيمتها بمليار سنتيم، كانت تستهدف صنع وترويج صورة المجلس، إثر عيوب جوهرية مست دفتر الشروط الخاصة (CPC) بطلب العروض تتعلق بالصيغة الأولية التي جرى بها تصميم هذه الشروط وكانت توحي، وفق ملاحظات سلطات الرقابة، بأنها تحُد من قدرات التنافس لدى الشركات التي ترغب في نيل هذه الصفقة.
“نعم.. لا”: اعتراضات عرقلة الصفقة
في 5 أبريل الفائت، أطلقت جهة الدار البيضاء-سطات طلب عروض مفتوح يتعلق بطلب خدمات استشارية في مجال التواصل، وشراء فضاءات إعلانية لفائدة الجهة. رقم الصفقة 3/2023/م.ج.
تبلغ قيمة الصفقة مليار سنتيم. على وجه التحديد: 9 ملايين و994 ألفا و440 درهما. مدة تنفيذ هذه الصفقة 12 شهرا. سنوضح لاحقا، الخدمات المطلوبة من هذه الصفقة.
يوم الأربعاء 10 ماي، وعلى مبعدة 6 أيام فقط من فتح العروض، سيبعث الخازن في هذه الجهة، مراسلة مستعجلة إلى مدير المصالح بشأن مستقبل هذه الصفقة. الفكرة الرئيسية في هذه المراسلة (لدى “اليوم 24” نسخة منها) أن طلب العروض يجب إلغاؤه على الفور. وفقا لتوضيحات قدمتها رئاسة الجهة إلى موقع “اليوم 24″، بخصوص هذه العملية، فإن المصلحة المذكورة “كانت قد أصدرت في مرحلة أولى، موافقتها لفائدة المضي في مسطرة هذه الصفقة دون ملاحظات”، ثم تغير الموقف فجأة.
يملك الخازن السلطة المطلقة في الإذن بتنفيذ أي صفقة مثل هذه. وفقا لرئاسة الجهة، فإن الخازن قدم رأيا إيجابيا عندما أحيلت عليه الصفقة وبعث برده خلال الأسبوع الأول لبدء الإجراءات. لكنه هذه المرة “عرض ملاحظات تمس بجوهر بنية طلب العروض”. سيؤدي ذلك إلى إلغاء الصفقة برمتها.
لم يعلم رئيس الجهة بإلغاء صفقته سوى في اليوم الموالي، أي الخميس، وفق ما قال لنا هو بنفسه، ولقد ظهر متفاجئا من هذه المعلومات عند الاتصال به.
تقول الرئاسة إن معزوز “لم يكن معنيا بالإجراءات المسطرية المتعلقة بهذه الصفقة، ومن ثمة، ليس من الضروري إحاطته بالقرارات المتعلقة بكل مسطرة على حدة”. كان على مدير المصالح إخباره بقرار الخازن، لكنه لم يفعل.
جميع المستندات المتعلقة بهذه الصفقة، وقعها نيابة عن رئيس مجلس الجهة، مديره العام في المصالح نجيب ورادي.
الملاحظات المقدمة بشأن طلب عروض الأثمان، أفضت إلى أن “المعايير المتضمنة في دفتر الشروط الخاصة تحد من قدرة ولوج الشركات إلى الصفقة”، وفق إفادة رئاسة الجهة. بشكل مبسط، فإن المعايير المعتمدة في كناش التحملات تجعل عدد الشركات القادرة على التنافس حول هذه الصفقة محدودا للغاية.
صممت دفتر الشروط الخاصة لفائدة الجهة، شركة تدعى MASSYN HOLDING، ومقرها بالدار البيضاء. تقول رئاسة الجهة إن هذه الشركة “تنفذ أعمالا لصالح مجلس الجهة تتعلق بالتواصل”.
شروط خاصة “جدا”!
تؤكد رئاسة الجهة بأن “طلب عروض جديد سيجري طرحه” بشأن هذه الصفقة، و”يشمل التصحيحات المطلوبة حول المعايير وفقا لملاحظات الخازن”. رغم أن الجهة طرحت فكرة إدراج التعديلات على دفتر الشروط الخاصة كما هو، دون إلغاء المسطرة بكاملها، إلا أن “العيوب التي مست الشروط تفرض إعادة إطلاق الصفقة من جديد”، وفقا لرئاسة الجهة.
في المادة 31 من دفتر الشروط الخاصة (CPC)، البالغ عدد صفحاته 30، نجد الأعمال المطلوبة من لدن نائل الصفقة.
تتلخص النقاط الكثيرة في صنع وترويج صورة جهة الدار البيضاء-سطات عبر وسائل الإعلام، والإنترنت والشبكات الاجتماعية. كذلك، يجب على نائل الصفقة أن يتكلف بالتواصل الداخلي عبر نشرات أو دوريات، والقيام بتجديدات على الموقع الرسمي للجهة، وأيضا الحصول على أفضل الأسعار مقابل مساحات إعلانية في وسائل الإعلام، وفي اللوحات الإشهارية، واقتناء العتاد المكتبي المخصص لإدارة عمليات التواصل.
على نحو عملي، فإن هذه الصفقة تسعى بشكل رئيس، إلى تلميع صورة مجلس الجهة، وأعماله، ومنجزاته.
في الجوانب الإدارية، يفرض دفتر الشروط الخاصة، وضع الشركات التي تنوي الحصول على هذه الصفقة، مبلغ ضمان قدره 250 ألف درهم.
كذلك، تمنع جهة الدار البيضاء-سطات تفويت أجزاء من تنفيذ الصفقة إلى شركات أخرى من لدن نائل الصفقة إلا في حدود 25 في المائة من قيمة الصفقة، على ألا تشمل هذه الأجزاء العناصر الرئيسية في الصفقة، وهي المواكبة الاستراتيجية، وإدارة المجتمعات الافتراضية على الإنترنت DIGITAL & COMMUNITY MANAGEMENT.
لم تكشف رئاسة الجهة أي تفاصيل إضافية عن طبيعة الشروط التي لاحظ الخازن وجود عيوب جوهرية فيها تحد من القدرة التنافسية للشركات على هذه الصفقة.
عرضنا دفتر الشروط الخاصة على وكالة إعلانية معتادة على المشاركة في طلبات عروض مشابهة، لكنها لم تخلص بعد الاطلاع عليه، إلى وجود مواصفات أو معايير معينة قد تحد من التنافسية في هذه الصفقة. لكنها ستشير إلى أن سلطات الرقابة “لربما اعتبرت قيمة الصفقة مبالغ فيها، وحثت الجهة على تعديلها”.
بالنسبة إلى رئاسة الجهة، فإن مبلغ الصفقة لا يثير أي مشكلة، “على خلاف ما يمكن أن يؤدي إليه أي عيب في الإجراءات من شأنه أن يثير مشاكل بخصوص ضرب مبدأ النزاهة” في الصفقة.
نبذة: معزوز خبير التجارة والأعمال
عبد اللطيف معزوز، رئيس مجلس جهة الدار البيضاء-سطات، عضو قيادي في حزب الاستقلال. بدأ مشواره المهني أستاذا للتعليم العالي في تخصص الاقتصاد بجامعة الحسن الثاني-الدار البيضاء، وأستاذا مشاركا في السلك العالي للتسيير وماستر تدبير الخدمات العمومية بالمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات، كما تولى مهمة مدير عام دار الصانع.
له كذلك تجربة في التسيير الحكومي؛ فهو وزير سابق للتجارة الخارجية، كما عين وزيرا منتدبا لدى رئيس الحكومة مكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج، قبل أن يُنتخب رئيسا لمجلس جهة الدار البيضاء – سطات إثر الاستحقاقات الانتخابية في شتنبر 2021.
تولى معزوز منصب مستشار رئيسي حول التنمية الجهوية وإنعاش الاستثمارات، لدى وكالة التنمية الأمريكية USAID في إطار مشروع دعم المراكز الجهوية للاستثمار، وأيضا منصب مدير التنمية وعضو اللجنة العلمية للمركز المغربي للظرفية (CMC)، إضافة إلى تقلده تجربة في التعليم العالي الخاص لمدة 12 سنة.
الرجل حاصل على دكتوراه الدولة في العلوم الاقتصادية من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، ودكتوراه السلك الثالث في علوم التسيير من جامعة تولوز-1- كابيتول بفرنسا، ودبلوم الدراسات العليا المتخصصة من معهد التحضير للأعمال IPA بتولوز (فرنسا)، ومتريز في العلوم الاقتصادية، تخصص اقتصاد المقاولات، بتولوز.
وُشح معزوز من قبل الملك بوسام الاستحقاق الوطني، حيث كان يشتغل مديرا عاما لدار الصانع.
المصدر: وكالات