وجه “تحالف ربيع الكرامة” رسالة إلى كل من وزير العدل والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئيس النيابة العامة، بخصوص قضية اغتصاب “طفلة تيفلت” التي أسالت الكثير من المداد السياسي والحقوقي.
وأوضحت الرسالة أن “المحكمة مصدرة القرار ضربت الصفح عن بشاعة الجرائم المرتكبة في حق طفلة، وتغاضت عن العقوبة التي تحددها فصول المتابعة بالأمر بالإحالة الصادرة عن قاضي التحقيق، خاصة الفصل 488 من القانون الجنائي الذي يشدد العقوبة المنصوص عليها في الفصل 485 المتابع به المتهمون، ويرفعها بالنسبة لهذه الحالة المأساوية إلى 30 سنة سجنا”.
وأكدت الوثيقة أن “المحكمة اجتهدت في إعمال كافة ظروف التخفيف (عدم السوابق، الظروف الاجتماعية…) لتنزل بالعقوبة إلى سنتين حبسا، والأخطر هو جعلها نافذة في حدود سنة ونصف بالنسبة لمتهمين اثنين، ما يعد صراحة شكلا من أشكال تكريس الإفلات من العقاب بدلا من يكون، من باب أولى وأحرى، ضمانا للعدالة الجنائية للطفلة الضحية”.
وتابع المصدر ذاته بأن “بعض ظروف التخفيف المعتمدة في تعليل القرار الجنائي لا تنطبق إطلاقا على هذه القضية، وقد تم توظيفها بصفة مستفزة تتعارض مع إستراتيجيات الدولة وتوجهاتها وتصريحاتها بشأن حماية الطفلات والأطفال من الاعتداءات الجنسية”.
كما لفتت الرسالة إلى أن “القرار الجنائي الصادم لم يحقق العدالة الجنائية للطفلة، سواء في شقه الزجري المتعلق بالدعوى العمومية أو في شق جبر الأضرار النفسية والمادية المرتبط بالدعوى المدنية التابعة، فالتعويض الهزيل لن يجبر الأضرار البدنية والسيكولوجية العميقة لطفلة تعرضت لاعتداءات جنسية متكررة وحملت قسرا وأنجبت، ولا الأضرار النفسية والمادية لوالديها”.
واعتبر تحالف ربيع الكرامة أن “الممارسة القضائية تثبت يوما عن يوم الحاجة الماسة إلى تغيير جذري وشامل للقانون الجنائي، يعيد النظر في ‘السلطة التقديرية’ للقضاء، نطاقا ومرتكزات وفلسفة، وفي التفاوت الكبير بين الحدين الأقصى والأدنى للعقوبة، وفي ظروف التخفيف بشأن جريمة الاغتصاب وغيرها من الاعتداءات الجنسية”.
كما أورد “التحالف” أن “الممارسة القضائية في حاجة إلى مراجعة شاملة لقانون المسطرة الجنائية، وإزاحة العراقيل التي وضعت حصرا وعن سبق إصرار أمام الجمعيات النسائية للتنصب طرفا مدنيا في قضايا العنف ضد النساء، ما يحول دون اضطلاعها بدورها الدستوري”.
وأكدت الهيئة ذاتها أن “العدالة الجنائية تفرض استفادة الطفلة الضحية من المساعدة القضائية التي تخصص لها وزارة العدل ميزانية، ووضع حد لإقصاء النساء والفتيات منها بسبب تغييب مقاربة النوع عند بلورة تصور للمساعدة القضائية يستحضر حق النساء والفتيات في تلك الميزانية باعتبارهن ضحايا، وعدم حصرها في قضايا الجنايات بالنسبة للمتهمين وفرض شروط شبه تعجيزية بالنسبة لغيرها من الحالات”.
وأشارت الرسالة أيضا إلى أن “التكفل بضحايا الاعتداءات الجنسية، بما يعنيه من دعم نفسي وطبي ومادي واقتصادي وتعليمي وتكوين وإيواء، يبقى من مسؤولية الدولة التي ينبغي أن تبذل، من خلال مختلف مؤسساتها وهيئاتها وسلطاتها، العناية الواجبة التي تقتضيها مكافحة الآثار الوخيمة للاعتداء الجنسي على ضحية تعاني من الهشاشة والإهمال والحرمان من التعليم”.
المصدر: وكالات