تفاعلت الكونفدرالية الوطنية لتجار السمك بالجملة في الموانئ والأسواق المغربية مع النقاش الجاري بشأن تثمين منتجات الصيد البحري في المغرب بهدف أساسي هو العودة إلى مستوى مستقر من الأسعار، خصوصا لدى المستهلك النهائي المرهق خلال الآونة الأخيرة بارتفاعات أسعار باقي أنواع اللحوم.
في هذا الصدد، نادت الكونفدرالية الوطنية لتجار السمك بالجملة، على لسان رئيسها عبد اللطيف السعدوني، في إفادات توصلت بها هسبريس، بـ”ضرورة خلخلة البنية الراكدة وضخ دماء جديدة في منظومة تثمين المنتوج السمكي بإحداث أسواق القرب المصنفة والمحترمة لطرق العرض الأكثر شفافية، مع التأشير على شهادة المنبع من الميناء ومن أسواق الجملة”.
كما تركزت أبرز مطالب مهنيي كونفدرالية تجار السمك بالجملة في الموانئ والأسواق، في “إخضاع جميع المنتجات البحرية للمزاد العلني، وإلغاء نظام الكوطا والامتيازات الرّيعية التي تضر بقطاع تجارة السمك وتؤثر على الثمن وتؤسس للتنافسية والاحتكار، وهو ما أكده مجلس المنافسة في تقاريره”.
وشرح السعدوني لهسبريس أن “تفعيل نظام المزايدة، أو ما يسمى بين المهنيين الدْلالة، في التسويق، خصوصا في السواحل والموانئ الواقعة جنوب سيدي إفني، هو مطلب ملح نظراً لأن السنوات الأربع الأخيرة عرفت ازدياد الطلب أكثر من العرض على السردين الصناعي خصوصا، وكذلك باقي أنواع السمك السطحي التي تمثل 83 في المائة من المنتوج السمكي بالمغرب”.
وحسب المهني ذاته، فإن “أصناف السمك السطحي تضمّ السردين والاسقمري (المعروف بكبايلا) فضلا عن سمك الأنشون، وكلها كانت خاضعة لوضعية كان فيها العرض أكثر من الطلب بالنسبة لموانئ الجنوب، ما دفع إلى وجوب حماية حقوق المصطادات عبر نظام العُقدة بين المَصنع والمَركب”، غير أن “مطلب تفعيل نظام الدلالة مازال يعني أكثر تطبيقه على تسويق سمك السردين الذي يظل الأكثر استهلاكاً من طرف المغاربة”.
في سياق متصل، يبرز أيضا، حسب مهنيي الصيد البحري المختصين في بداية سلسلة البيع بالجملة، مطلبُ “نمذجة اتفاقية جماعية لمراقبة المنتوج والأثمنة والجودة بالمدن والأسواق في إطار لجان مشتركة بين المكتب الوطني للصيد البحري والجماعات المحلية والوكالة الوطنية لسلامة المنتجات الغذائية”.
وأفاد السعدوني، في هذا الإطار، بأن “النقاش الجاري بإشراف وإسهام من المكتب الوطني للصيد البحري من خلال اجتماعات على مستوى الجهات والفاعلين في القطاع والمهنيين، هو نقاش صحي إيجابي من أجل شفافية تثمين المنتوج وتجاوز إكراهات التسويق وتثمين سلسلة الأسماك بالمغرب”.
وأشارت الكونفدرالية الوطنية لتجار السمك بالجملة في الموانئ والأسواق المغربية، ضمن معطيات حول الموضوع توصلت بها هسبريس، إلى أهمية وراهنية تحقيق “التخفيف من الأعباء الخدماتية والاقتطاعات الجبائية بالموانئ والأسواق للتجار ومُرافقتهم على مستوى التكوين”.
“راحة بيولوجية حسب الخصوصيات”
الكونفدرالية سالفة الذكر دعت “وزارة الصيد البحري والمكتب الوطني للصيد البحري إلى المراهنة على المقاربات التشاركية الحقيقية، وفتح باب الحوار المسؤول والهادف لكل الفاعلين في القطاع باحترام خصوصيات كل منطقة بحرية وطرق الصيد بها”.
ولبلوغ ذلك، اقترحت كونفدرالية تجار السمك بالجملة “إحداث راحات بيولوجية زمانية ومكانية مؤدّى عنها، خصوصا للبحّارة بصفتهم الفئة الأكثر هشاشة، وذلك بالاعتماد على الصناديق السوداء التي تقتطع من رؤوس أموال التجار والمجهزين والبحارة (على سبيل المثال اقتطاع السمك السطحي الصناعي TTP)”.
وشددت كذلك على ضرورة “تقوية أسُس المراقبة لكل وسائل وأدوات الصيد قبليا وبعديا لحُسن تدبير المخزون السمكي، وتشديد التعامل مع كل مخالف للقانون مع اعتبار طبيعة الغرامة كي تكون مطابقة لجنس المخالفة”، و”تحسين الخدمات وتجويدها خدمة للعنصر البشري، مع احترام كل فئة مهنية وكل ميناء وفق خصوصياته؛ فالشمال له ثقافة خاصة من حيث الصيد ومن حيث استهلاك المنتوج، وكذلك الوسط والجنوب”.
وأكدت الكونفدرالية عينها على “حسن اعتبار أن القيمة المضافة للمنتوج هي الرافعة الحقيقية للاقتصاد البحري؛ فمن الأساس التشجيع على هذا التصور ونهج السبل من أجل إنجاحه وإعطاء القيمة الحقيقية لمعامل تصبير السمك، مع دمقرطة وشفافية أنظمة تموينها بالمنتوج”.
“مزيد من رقمنة الخدمات”
أشار مهنيو الصيد البحري وتجارته بالجملة إلى أن “على المكتب الوطني للصيد البحري أن يعمل على حسن تدبير عملية بيع المنتوج السمكي بأسواق الموانئ وإحداث نظام رقمنة واسع وعريض شامل لكل الخدمات، وليس المزاد فقط”.
مطلب آخر أتى على ذكره السعدوني، يهمّ “تفعيل نظام الفرز الحقيقي كما كان معمولا به تاريخيا في مراكز الفرز، يهدف ضبط عملية توزيع السمك السطحي والرفع من قيمته بنظام المزاد”.
وختم قائلا: “ما دام مكتب الصيد البحري قد حقق الهدف الأساسي باستعمال الصناديق البلاستيكية الموحدة، عليه أن يحُث ويشجع الفاعلين من مراكب وتجار بإحداث صناديقهم الخاصة، مع مراعاة معايير السلامة الصحية، لأن هذه الصناديق تدخل في الرأسمال الخاص بالتاجر وبالمَركب”.
المصدر: وكالات