بعد التساقطات المطرية التي شهدها المغرب في الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر الماضي، لم تشهد سماء المملكة أي اضطرابات جوية طيلة شهر نونبر، فيما تفيد التوقعات بأن الأوضاع الجوية ستستمر على حالها طيلة الأيام المقبلة، الأمر الذي بدأ يثير المخاوف في صفوف الفلاحين الذين استبشروا خيرا بالتساقطات الأولية، متفائلين بتحقيق موسم فلاحي مغاير للسنوات السابقة.
وتشير التوقعات التي تبثها المنصات والمواقع المتخصصة في مراقبة ورصد الحالة الجوية بالعالم إلى أن الحالة الجوية بالمغرب ستحافظ على استقرارها من دون تساقطات مطرية حتى نهاية نونبر، وذلك بسبب مرتفع جوي يخيم على المنطقة منذ أيام، يمنع الاضطرابات الجوية من الوصول إليه.
وفي ظل هذه الأوضاع، يواصل الفلاحون المغاربة عملية الحرث والبذر التي بدؤوها منذ أيام، عقب التساقطات المشجعة التي سجلتها عدد من مناطق البلاد نهاية أكتوبر الماضي.
وفي هذا السياق قال رشيد الغزاوي، الفلاح المتحدر من منطقة الغرب: “إن التساقطات الماضية فتحت لنا باب الأمل، فتوكلنا على الله وبدأنا الحرث والزرع”، مؤكدا أن العملية تسير بشكل جيد حتى الآن.
واستدرك الغزاوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “نتمنى من الله أن يرحمنا في القريب العاجل، حتى تتم العملية بنجاح”، مؤكدا أن “التساقطات المسجلة تبقى ضعيفة وغير كافية لضمان الإنبات في ظروف جد مناسبة، واستمرار نمو المزروعات بشكل طبيعي”.
واعتبر الفلاح ذاته أن الإشكال الذي عانى منه الفلاحون المغاربة طيلة السنوات الماضية هو عدم انتظام التساقطات المطرية، وسقوطها في الوقت الذي تحتاجه فيه مختلف الزراعات، الأمر الذي اعتبر أن تأثيره يكون “سلبيا على المحصول”.
وفي هذا الإطار، اعتبر محمد بنعطا، الخبير والمهندس الزراعي، أن غياب التساقطات طيلة شهر نونبر “أمر مقلق للفلاحين، وهو نتيجة طبيعية للتغيرات المناخية التي يعيشها العالم بسبب تداعيات الاحتباس الحراري”.
وأضاف بنعطا في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “نعيش في المغرب تأثيرات التغيرات المناخية. والجفاف أصبح مهيمنا على الأجواء، ونعيشه بوتيرة متكررة”، مردفا: “هذا الأمر معاكس للماضي، إذ كنا نسجل سنة جافة أو اثنتين كل عشر سنوات، إلا أننا سجلنا مؤخرا ست سنوات من أصل 11 سنة الأخيرة”.
واعتبر الخبير ذاته أن المشكلة التي يواجهها المغرب بسبب التغيرات المناخية وندرة المياه ناتجة عن “عدم التزام الدول الصناعية بخفض انبعاثات الغازات ومحاربة التغيرات المناخية”، مبرزا أن “المغرب مع الأسف الشديد يسير في هذا التوجه، إذ تسير كل المشاريع الصناعية في اتجاه الطاقات الأحفورية ولا تعتمد على الطاقات النظيفة”.
ودعا بنعطا المغرب إلى تغيير إستراتيجيته واستثمار الإمكانيات الكبيرة التي يمتلكها في إنتاج الطاقات النظيفة والمتجددة، موردا: “لدينا 3 آلاف كيلومتر من البحر ولا ننتج منها غراما واحدا من الطاقة النظيفة”.
كما أكد المتحدث أن “المغرب مطالب بتشجيع البحث العلمي لقلب المعادلة ومواجهة التغيرات المناخية وندرة المياه”، وزاد أن البلد “يحتاج إلى التساقطات المطرية من أجل تحقيق مردود جيد خلال الموسم الفلاحي الجديد”، مشددا على أهمية انتظام التساقطات واستمرارها بالنسبة للزراعات الخريفية.
المصدر: وكالات