تعيش رحلات “طرامواي الرباط-سلا”، خلال الشهور الأخيرة، على وقع “ظاهرة جديدة في عمليات الاحتيال” على شراء تذاكر العبور؛ إذ يعمد بعض الأشخاص إلى طلب التذاكر من الراكبين خلال نزولهم في وجهاتهم النهائية قصد إكمال الرحلة بشكل مجاني ودون اقتناء تذاكر عبور جديدة.
وحسب ما عاينته هسبريس بشكل منتظم خلال مدة أسبوعين متفرّقين، فإن هاته الظاهرة تتزايد بقوة وتشتد خلال فترات الازدحام في الظهيرة والمساء، وهي الفترات التي يكون فيها الإقبال على الطرامواي كبيرا.
ويقول الموقع الرسمي لشركة “طرام” إن “التذاكر تباع بشكل فردي، وتسمح بالتنقل لرحلة واحدة، وهي صالحة لمدة ساعة مع المواصلة على الخط المغاير فقط”، مشددا على أن “التأشير إجباري عند كل صعود”.
ويستغل هؤلاء الأشخاص تأشير الراكبين للتذاكر سابقا قبل نزولهم؛ ما يسمح لهم بالمرور دون مشاكل وحتى آخر وجهة، حتى لو تأكد المراقب مرات عديدة بالطرام من صحة التذكرة.
وحسب المصدر ذاته، فإن المخالفة المفروضة على كل من زوّر التذاكر هي 150 درهما؛ فيما حددت مخالفات غياب التذكرة والتأشير واستخدام البطاقة من آخر غير صاحبها في 50 درهما.
وفي الواقع، فإن “ظاهرة” تبادل التذاكر مجانا بين الراكبين تقسم آراء جمعيات المجتمع المدني بكل من الرباط وسلا؛ فهناك من يراها “تجسيدا لتضامن المغاربة مع بعضهم البعض في زمن ارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية”، وآخرون يؤكدون أنها “ظاهرة غير مقبولة وتجسيد لتسوّل جديد، وتشجيع للتواكل، وإضرار بقيم المجتمع”.
محمد وهيب، فاعل جمعوي بمدينة سلا، قال إن “هاته الظاهرة مقبولة ويجب تشجيعها؛ لأن من يطلب التذكرة لا يملك المال بسبب الظروف الصعبة التي يعيشها جراء غلاء الأسعار وتدهور القدرة الشرائية”.
وأضاف وهيب، في تصريح لهسبريس، أنه شخصيا “يقدم التذاكر عند نزوله إلى الأشخاص الذين يطلبونها منه، ولا يجد إشكالا في ذلك، طالما أنه على يقين أن صاحب الطلب محتاج للغاية ويجب تقديم يد المساعدة له”.
وطالب المتحدث عينه بـ “خفض أسعار التذاكر الخاصة بالطرامواي؛ لأنها لم تعد تناسب الوضعية الاقتصادية للمواطنين في الوقت الراهن”، لافتا إلى أن “فئة الشباب هي التي رصدناها بقوة في هاته الظاهرة، وهذا دليل على أن وضعيتهم تحتاج إلى المساعدة حقا”، وفق تعبيره.
وأورد رئيس جمعية “الأيادي المتضامنة” بسلا أن عمليات إعطاء التذاكر “الطرامواي” للمحتاجين “تجسيد قوي على قيم تضامن المغاربة، ووعيهم بأهمية تقديم المساعدة للآخر”.
من جهته، قال عبد الكبير الجعفري، فاعل مدني بمدينة الرباط، إن “هاته الظاهرة تفريخ لنوع جديد من التسول بالشوارع المغربية”، مؤكدا أنه “ضد أية تذاكر مجانية من قبل الراكبين لأشخاص آخرين في أية وسيلة نقل كانت”.
وأضاف الجعفري لهسبريس أن تقديم تذكرة مجانية لشخص آخر بدافع التضامن هو في الحقيقة “تشجيع على التواكل، وإضرار بالمجتمع، وتقوية مظاهر التسول التي يجب محاربتها بجميع الأشكال”.
وأكد المتحدث عينه أن “تقديم المساعدة يكون بمبلغ مالي وليس بالتذكرة التي اقتناها الراكب مسبقا”، موضحا أن “هذا الأمر ليس دفاعا عن الشركة؛ بل عن قيم المغاربة التي لا ترضى التسول، والتعويل على الآخرين”.
وشدد الجعفري على “ضرورة تشديد المراقبة من قبل المسؤولين على طرامواي الرباط- سلا، وتطبيق القانون في حق هؤلاء الأشخاص كما يتم التنصيص عليه في لائحة المخالفات”.
وأجمل الفاعل الجمعوي بمدينة الرباط بالقول: “صحيح أن التضامن صفة إيجابية بين المغاربة؛ لكن ليس بالدرجة التي يتم فيها تشجيع ظاهرة التسول، والاعتماد الكلي على الآخرين، ومن ليس له التذكرة يمكنه أن يطلب المساعدة لشراء واحدة ثانية، وليس بهاته الطريقة غير المقبولة في أية وسيلة نقل كانت”.
المصدر: وكالات