علمت هسبريس من مصدر مطلع من داخل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أن الباحثين بهذه المؤسسة تفاجؤوا بـ”إقصاء” اللغة الأمازيغية من يوم دراسي حول السياسة اللغوية بالمغرب.. الأسس-البرامج-التحديات”، نظمته مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة الخاصة بـ”السياسة اللغوية بالمغرب”، أمس الأربعاء، مبرزين أنه “كان هناك اتفاق مبدئي مسبق بخصوص حضور ممثلي إركام في نقاش حول السياسة اللغوية سيحتضنه مجلس المستشارين”.
وعلمت هسبريس من مصادرها، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، أنه منذ شهر ونصف الشهر، استقبلت مجموعة العمل المذكورة وفداً من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغيّة، ألقى أعضاؤه عروضاً أمام عدد من المستشارين حول السياسة اللغوية وحول مساهمة المعهد في هذا المجال، وكانت هناك ثلاث مداخلات: مداخلة للعميد أحمد بوكوس حول مفهوم السياسة اللغوية من الزاوية السوسيو-لسانية، ومداخلة لعلي بنطالب، ومداخلة لعبد السلام خلفي.
وأوردت الجهة جيدة الاطلاع أنه قبل الذهاب إلى مجلس المستشارين، زار وفد من اللجنة “إركام”، وحينها “تم تقديم مجموعة من التوصيات للغرفة الثانية من أجل العمل للخروج من عنق الزجاجة التي وقعت فيها هذه السياسة الحكومية، التي لم تتمكن إلى حد الآن من وضع الأسس الصلبة لتجذير تمازيغت ومنحها طابعها المؤسّساتي والدستوري”، مبرزةً أنه “بعد اللقاءين، جرى الاتفاق بخصوص تنظيم يوم دراسي، إلاّ أننا فوجئنا بتنظيم يوم دراسي دون دعوتنا”.
تأكيدات وتوضيحات
تواصلت هسبريس مع أحمد عصيد، باحث في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الذي أكد أن ما أوردته المصادر “صحيح”، مسجلا أن “من عليه أن يوضح الآن هو اللجنة، لأنه حتى إذا اعتبرنا أن إركام تمّ الاستماع إليه، فلماذا هذا النوع من التحايل في التفريق بين طبيعة الجلسات وتخصيص يوم دراسي معلن للغات دون أخرى؟”، معتبرا أن التوضيح الرسمي بهذا الخصوص يوجد حصريا عند العميد أحمد بوكوس.
وبعد محاولات كثيرة للاتصال به، تواصل بوكوس مع هسبريس وأكد بدوره أن المعلومات المتوفرة لدى الجريدة “دقيقة”، وهي أنه تم اللقاء مرتين بين اللجنة وأطر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، موردا أن “تمازيغت” بهذا المعنى “نالت حصّتها في هذا النقاش، وما لدينا تقدمنا به في اللقاءين لكون الموضوع ظل هو السياسة اللغوية بالمغرب، ووجهة نظر إركام الآن متوفرة لدى الغرفة الثانية من البرلمان عبر اللجنة”.
ولأن تغييب الأمازيغية أشعل “غضباً شديداً في أوساط الحركة الأمازيغية”، طرحت هسبريس السؤال على العميد: “هل كان هناك وعد من اللجنة لمشاركة إركام في يوم دراسي عمومي وعلني يحضره متتبعون وفاعلون سياسيون وأكاديميون؟”، فجدّد تأكيده أن “الأمازيغية قالت كلمتها في هذا النقاش وهذا يكفي”، مستبعداً أيّ “إقصاء، ومن يقول إن هناك تغييبا للمعهد هو ليس على بينة بما حدث في أبريل من اجتماعات حول الموضوع”.
“فعاليات غاضبة”
يوسف لعرج، رئيس الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة “أزطا أمازيغ”، علق على ما حدث بمجلس المستشارين بالقول إن المجلس “جانب الصواب بهذه الخطوة، وعاد بالأمازيغية 15 سنة إلى الوراء، لأنه يذكرنا بالنقاشات التي كانت قبل دسترة هذه اللغة، حين كان الفاعلون يناقشون السياسة اللغوية بمعزل عن الأمازيغية”، مستغربا أن يتم تنظيم يوم من هذا النوع في ظل تغييب تام للمؤسسات والجمعيات والخبراء المتخصصين في الأمازيغية.
وأضاف لعرج، في تصريح لهسبريس، أن “يوما دراسيا بدون أمازيغية كلغة رسمية، هو نقاش بلا بريق كبير ولا يمثل أي أهمية حقيقية أو مصداقية للنقاش حول الموضوع”، معتبرا أنه حدث جرى تنظيمه بـ”جهل سياسي وتقني كبيرين، وكأن القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية لم يصدر”. وتساءل: “هل أعضاء اللجنة لا يعرفون أن هناك نقاشا وطنيا وقرارات ملكية تاريخية حاسمة تصب في صالح الاعتراف بالأمازيغية؟
وعاد المتحدث للتذكير بأن الأمر يتعلق بما اعتبره “جهلا سياسيا” يتجلى في “عدم إيلاء هذا الملف ما يستحقّه من عناية للأطراف التي تستطيع النقاش بخصوص السياسة اللغوية بكل اللغات الموجودة في المغرب، خصوصا اللغتين الرسميتين”، مؤكدا أنها “زلة لا تقبل التبرير من مؤسسة دستورية، ونحن نتحدث عن الغرفة الثانية للبرلمان وهي المؤسسة حيث صدر القانون التنظيمي”.
وزاد: “الأمر يستحقّ توصيف الجهل التقني أيضاً، لأنه لا يبدو أن هناك تصورا موضوعيا حول السياسات اللغوية في المغرب، في وقت تُخصص للأمازيغية جلسات مغلقة ويخصص للعربية يوم دراسي مفتوح للعموم”، معتبرا في الختام أنه “مثلما جرى الانفتاح على فعاليات مدنية في هذا اليوم الدراسي، فذلك ما كان يمكن العمل به أيضا بخصوص الأمازيغية لضمان الاستماع إلى جميع التنظيمات الرسمية والمدنية التي تشتغل في حقل تمازيغت”.
المصدر: وكالات