قال عبد الله بوصوف، خبير في العلوم الإنسانية، إن “الأم المهاجرة المغربية بعفويتها وملامحها ولباسها دخلت قلوب العالم”، مضيفا أنه “لم يعد الأمر مفاجئا أن نجد اسم مهاجرة مغربية على رأس برلمان هولندا، و/أو على رأس مؤسسات حقوقية وعلمية وصناعية عالمية”.
وأشار بوصوف، في مقال له بعنوان “تأنيث الهجرة يدق بقوة باب السوسيولوجيا”، إلى أن “العديد من المحاميات والقاضيات والكاتبات والإعلاميات والجامعيات والباحثات والعاملات في البيوت والضيعات والمصانع والحرف… بدول المهجر يملأن الدنيا بإضافات جادة ويقدمن يوميا صورة جميلة عن المغرب وعن أخلاق تمغرابيت”.
نص المقال:
شجعنا في أكثر من مناسبة مسارات البحث، سواء البحث الأكاديمي من خلال أطروحات ورسائل الماستر أو الدكتوراة، أو من خلال دراسات سوسيولوجية في موضوع تأنيث الهجرة وتسليط الضوء حول رائدات مغربيات نقشن أسماءهن في الصخر في مجالات الفكر والجامعات ومراكز البحوث والفضاء والإعلام والطبخ والفن والرياضة والسياسة…
كما شجعنا على الاهتمام بملف أمهات الجيل الثاني وما تميزن به من صفات عالية من نكران الذات والتضحية وافتخارهن بالاستثمار في تربية الأبناء والعناية بهم في محيط غربي مليء بالمغريات والأخطار…
وهن الأمهات أنفسهن اللواتي رافقن أبطال مونديال قطر 2022 واستحققن بذلك أكبر وسام وعرفان، وهو الاستقبال الملكي والشعبي، وصورة خاصة لكبير العائلة مع الأمهات بالقصر الملكي في دجنبر 2022.
سيطول بنا الحديث عن دور المرأة المهاجرة باعتبارها وعاءا أمينا للتقاليد والعادات المغربية، وسيتطلب منا مدادا غزيرا ونحن نتناول صورة رائعة عن سفيرات القفطان والكسكس والآداب والشعر والموسيقى والتطوع والوطنية…
أسماء وأسماء تستحق متعة البحث والدراسة والإشادة، وتدفعك للافتخار بمغربيات صنعن الحدث السياسي والاقتصادي والعلمي… وتقول في حقهن: “اللهم كثر حسادنا”.
هن متواجدات في كل فج عميق وحاضرات بالبصمات الوراثية لشخصيات أمهاتهن (السيدة الحرة وفاطمة الفهرية وزينب النفزاوية وكنزة الأوروبية وخناتة بنت بكار…).
الأم المهاجرة المغربية بعفويتها وملامحها ولباسها دخلت قلوب العالم خلال مونديال قطر، واحتلت مكانة قوية في منصة المونديال وشكلت مساحات كبيرة في تعاليق كبريات القنوات الرياضية في العالم.
لم يعد الأمر مفاجئا أن نجد اسم مهاجرة مغربية على رأس برلمان هولندا، مثلا، كخديجة عريب، أو وزيرة كنجاة بلقاسم أو الخمري أو رشيدة ذاتي، أو على رأس مؤسسات حقوقية وعلمية وصناعية عالمية كأودري ازولاي وسعاد لمعلم وكوثر حفيظي وفرانشيسكا شوقي، وغيرهن كثيرات.
وفوق كل هذا، فإن دفاع المرأة المهاجرة عن المقدسات الوطنية والدستورية وعن صورة المغرب بالخارج، له طابع خاص، حتى إنه يخيل لنا أنها تدافع وتترافع باسمنا جميعا.
وهنا نستحضر جميعا، وبكل فخر واعتزاز، تدخل كل من رشيدة ذاتي، وهي القيادية في حزب الجمهوريين وعمدة الدائرة السابعة بباريس ووزيرة العدل السابقة، والسيدة سميرة سطايل، وهي الإعلامية المتمرسة. فكلنا يتذكر دفاعهما القوي عن موقف المغرب من طلب فرنسا تقديم المساعدة في زمن زلزال الحوز ومن داخل استوديوهات فرنسية؛ فكيف لا نتفاعل مع هذا المشهد البطولي والوطني لنساء مغربيات احترفن السياسة والإعلام وخبرن أسراره وكواليسه.
وجاء تشريف السيدة سميرة سطايل بتعيينها كأول سفيرة مغربية بباريس في زمن يعرف إعادة صياغة تعريف الشراكات والصداقات وربطها بملف مغربية الصحراء، وفي وقت يعرف إعادة ترتيب العلاقات المغربية/الفرنسية.
أما السيدة رشيدة ذاتي فقد تم تعيينها وزيرة للثقافة الفرنسية باختصاصات قوية، من بينها الاهتمام بأهم المعالم الثقافية والتراث العالمي كمتحف اللوفر ومركز بومبيدو والمكتبات الوطنية الكبرى ومعارض الكتاب وصيانة الكنائس، وفي مقدمتها كتدرائية باريس التي تعرضت لعملية إحراق في أبريل 2019 والتي ينتظر فتحها بشكل كامل ورسمي في دجنبر 2024.
ونتوقع موقعا قياديا للسيدة ذاتي حتى بعد إعلان ماكرون عن حل البرلمان وتشريعيات مبكرة في آخر هذا الشهر.
العديد من المحاميات والقاضيات والكاتبات والإعلاميات والجامعيات والباحثات والعاملات في البيوت والضيعات والمصانع والحرف… بدول المهجر يملأن الدنيا بإضافات جادة ويقدمن يوميا صورة جميلة عن المغرب وعن أخلاق تمغرابيت.
مغربيات العالم هن نسيج لوحده في البساطة والقوة والأصالة والمحافظة على الأسرة والتقاليد، وفي تربية الأجيال ببلدان الإقامة على منبت الأحرار ومشرق الأنوار … وبشعار: الله الوطن الملك.
المصدر: وكالات