الأربعاء 18 شتنبر 2024 – 04:30
في مقابل “مركزية الصوت التي كانت هي ما هيمن ومازال يهمين على الثَّقافة العربيَّة، والكتابة الشِّعريَّة التي مازالت ترزح تحت سلطة وهيمنة «القصيدة»، بِكُلّ ما تَجُرُّه خلفَها”، يستمر الشاعر والناقد صلاح بوسريف في أفق مشروعه الشِّعْرِيّ ـ النظري، “بما يتخلَّله من مفاهيم، ومن تصوُّر للشِّعْر، بما هو كتابة، أو وعي كتابِيّ انسلخ عن الشَّفاهة، وعن الوعي الشفاهي، بِكُلّ ما جرى فيه من دوالّ وسَّعَت أفق حداثة الكتابة، في ميْل واضح لمركزية الكتابة”.
جاء هذا في أحدث كتب الناقد المغربي الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت، بعنوان “خارج النسق داخل السياق: شعرية التقويض والانشقاق”.
في هذا الكتاب الجديد “توكيد على شعريَّة السِّياق، ما يتولَّد إبَّان النَّص أو العمل الشِّعْرِيّ وفيه، من دوالّ، ومن مدلولات، وما تتوسَّع به اللغة في السِّياق الكتابِيّ من مجازاتٍ، هي ما تتجدَّد به اللغة وتتوسَّع، في علاقتها بغيرها من الدَّوال غير اللغوية؛ فليس النَّسَق ما يحكم شعريَّة العمل الشِّعْرِيّ، بل السِّياق، الذي هو انفتاح، وهو ما يُتِيح قراءة الشِّعْر بوصفه من اكتشافه، أو باكتشاف واستشفاف ما يكون فيه من دوالّ، غير ما اعْتَدْنا عليه في بناء «القصيدة» الذي هو بناء مسكون بماضيه، وبالأصداء التي طالما تداعت حتَّى في شعر الحداثة، وفي تنظيراتها، رغم ما كان فيها من جرأة، ومن رغبة في التَّجاوز والتخطي”.
وتقول ورقة المنشور الجديد إنَّ كُلّ كتاب يكون في سياقه إضافةً، كما أنَّه، بالمعنى الأرسطي، اختراع وابتكار، وليس استعادةً، أو مُكوثاً في البناء نفسه، وفي الدَّوال نفسها، أو التَّصوُّر والرؤية، ويتابع: “حين سعت الثقافة العربيَّة إلى النَّسَق، في الشِّعْر، فهي حجبت السياق ومنعتْه، تماماً كما حدث في الفقه وفي التشريع، وفي الفكر، وفي النحو والبلاغة، بدل الإنصات إلى ما يجري من تحوُّلات، وما يطرأ من إبدالاتٍ هي ما يمكن أن نَسْتَشِفَه من السياق.”
وفي هذا السياق يكتب صلاح بوسريف أن “النَّسق، في هذه الثقافة، شرع يُلْقِي ويُرْخِي بظلاله على كُلّ شيء، إلى الدرجة التي دفعت العقل النَّسَقِيّ العربيّ إلى تأمين النسق نفسه، بنسقٍ يوازيه، حين اعتبر «الشَّاذّ لا يُقاس عليه»، وأنَّ للقياس شروطه وحدوده”. ويعالج الناقد هذا الإشكال في بابين كبيرين: عنوان الأول «كلما تغيَّرت الرؤيا تغيَّرت العبارة»، وعنوان الثاني «الواقِفُ لا يعرف المجاز»، بما يعنيه من تجاوز وعُروج بمفهوم ابن عربيّ.
المصدر: وكالات