أكد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن الدبلوماسية البرلمانية “فعل يومي وليس مناسباتيا”، مبرزا استعداد وزارته لإحاطة البرلمانيين بكل المعطيات الكفيلة بمساعدتهم على أداء الأدوار المنوطة بهم في الترافع عن القضية الوطنية، ولتعزيز التكوين لفائدتهم في ملف النزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية.
وقال بوريطة، تفاعلا مع مداخلات نواب الأمة خلال جلسة مناقشة الميزانية الفرعية للوزارة، بلجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج، إن “الدبلوماسية البرلمانية فعل يومي وليس مناسباتيا”، موضحا أن “الوزارة رهن إشارة السيدات والسادة النواب لتزويدهم بكل المعطيات الخاصة بكل القضايا؛ وفي مقدمتها القضية الوطنية والقضية الفلسطينية، والتي من شأنها أن تساعدهم في القيام بمهامهم الدبلوماسية”.
وأشار بوريطة في السياق ذاته، وفق تقرير اللجنة الذي اطلعت عليه هسبريس، إلى أن “الأكاديمية الدبلوماسية تبقى رهن إشارة السيدات والسادة النواب من أجل تعزيز التكوين لفائدتهم”، مقترحا “توفير كفاءات مشهود لها في العمل الدبلوماسي للمساهمة في دعم الدبلوماسية البرلمانية”.
“استراتيجية متكاملة”
في تعقيبه على تصريحات بوريطة، تمسّك بنيونس المرزوقي، الأستاذ المتخصص في القانون، بكون “تنشيط الدبلوماسية البرلمانية وجعلها نشاطا منتظما ويوميا يتطلب إعداد استراتيجية واضحة تراعي الوسائل التي يتوفّر عليها البرلمان وتلك اللازم توفيرها له”، مبرزا أن “ثمّة تقصيرا من المؤسسة التشريعية المغربية في القيام بالدبلوماسية البرلمانية، نتيجة عدم استثمارها الوسائل المتوفّرة لديها، ولكن أيضا نتيجة عدم توفرها على وسائل أخرى مهمة في هذا الجانب”.
وأوضح المرزوقي، في تصريح لهسبريس، أن “تقصير البرلمان في هذا الصدد يتمثل في عدم انتظام وتيرة عمل مجموعات الصداقة البرلمانية”، لافتا على أنه “من بين أكثر من 120 مجموعة صداقة تربط مجلس النواب ببرلمانات دول أخرى، لا نكاد نسمع إلا عن لقاءات أو اجتماعات تلك المشتركة مع برلمانات الاتحاد الأوروبي أو فرنسا وبلجيكا، بينما تبقى مجموعات الصداقة مع البرلمانات الإفريقية شبه نائمة، رغم كون السياسة الملكية مهّدت للدبلوماسية البرلمانية على مستوى القارة”.
وأورد المحلل السياسي ذاته، مُواصلا بسط أوجه “عدم انتظام أنشطة الدبلوماسية البرلمانية المغربية”، أن “الشُّعب الوطنية الدائمة، بدورها، نجد أن أشغالها وأنشطة ممثلي البرلمان المغربي ضمنها غير معروفة”، مضيفا أن “وفودا كثيرة من البرلمانيين تسافر إلى الخارج في إطار الدبلوماسية البرلمانية، ولكن لا تصدر أي تقارير عن أنشطتها، بل لا نعلم هل يتم إنجازها أساسا”.
وشددّ على أن “مسؤولية الدولة في تنشيط الدبلوماسية البرلمانية تتمثّل في خلق خلايا على مستوى الخارج لتأطير أعضاء البرلمان قبل سفرهم، وتزويدهم بملفات تتضمن كافة المعطيات التي يحتاجونها للترافع عن قضية الصحراء المغربية”، مثمنا في هذا الصدد “إبداء وزارة الخارجية استعدادها لوضع الأكاديمية الدبلوماسية رهن إشارة نائبات ونواب الأمة، على أن يكون ذلك ممأسسا ومنزلا على أرض الواقع”.
وأضاف: “البرلمان بدوره يجب أن يكون منفتحا على الجامعة من أجل تكوين البرلمانيين في المواد المتعلقة بالقانون الدولي العام والدبلوماسية والعلاقات الخارجية، إلخ”.
واستدرك المحلل السياسي نفسه، قائلا إن “الإشكال في هذا الجانب هو إمكانية مواجهة ممانعة من قبل بعض البرلمانيين لتكوينهم، إذ قد يعتبرون ذلك انتقاصا منهم؛ ما يتطلب من البرلمان وضع منصات وآليات للتكوين الذاتي رهن إشارة أعضائه، في إطار اتفاقيات مع جامعات ووزراء خارجية سابقين ورؤساء لجان سابقين بالخارجية”.
“الكفاءة شرط”
متفاعلة مع الموضوع نفسه، أوضحت مريم أبليل، باحثة في القانون الدستوري، أن “الدبلوماسية البرلمانية كان يُنظر إليها دائما كاختصاص مكمل، وليس أصليا أو أساسيا للبرلمان في المغرب؛ إلا أن الخطاب الملكي الأخير بعث رسالة مهمة فحواها ضرورة إيلاء أهمية أكبر للدبلوماسية البرلمانية، لكي لا تظل مناسباتية مرتبطة بحضور النائبات والنواب والمستشارين والمستشارات للمحافل الدولية والملتقيات ومجموعات الصداقة؛ بل أن تصبح هذه الدبلوماسية فعلا منهجيا ومخططا له لخدمة قضية الصحراء المغربية، التي أكد الملك ضرورة الحسم فيها”.
وأشارت أبليل، في تصريح لـهسبريس، إلى أن كلام بوريطة يؤكد ضمنيا على “وجوب توفر البرلمانيين المشاركين في الأنشطة والمحافل والملتقيات الدولية، في إطار ممارستهم للدبلوماسية البرلمانية، على المعرفة العميقة والضبط الدقيق بمختلف المعطيات التاريخية والقانونية والسياسية والقرارات الدولية المرتبطة بالقضية، فضلا عن الدراية بمختلف الجوانب البروتوكولية التي يجب التحلي بها، وكيفية تدبير مختلف المواقف الطارئة التي قد تعترض سبيلهم أثناء وجودهم بالبلدان المستقبلة لهم، وكذا إتقان مداخل ومخارج الترافع المؤسساتي عن هذه القضية”.
ولفتت الباحثة في القانون الدستوري والعلوم السياسية إلى “أهمية هذه الأمور، خصوصا في ظل وجود أعداء للقضية الوطنية قد يكونون حاضرين في نفس المحافل، ويسعون بمختلف الطرق إلى استغلال أي فرصة سانحة للإساءة للمغرب”.
وأكدت أن “وضع الأكاديمية المغربية للدراسات الدبلوماسية رهن إشارة النواب يندرج في هذا الإطار، على اعتبار ما تقوم به هذه الأكاديمية من أدوار مهمة على مستوى التأطير والتكوين المستمر في المجال الدبلوماسي؛ حيث تسهر على تنظيم دورات تكوينية في المجال لفائدة ممثلي مختلف القطاعات الوزارية المنوطة بهم المشاركة في مهام تمثيلية وطنية بالخارج، وذلك من أجل توحيد الرؤى ومنطلقات الدفاع عن قضايا المغرب المشروعة من جهة، وتعزيز الكفاءات في مجال الدبلوماسية البرلمانية من جهة ثانية”.
المصدر: وكالات