قال محمد بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية في المغرب، إن أهمية القمة الروسية – الأفريقية تكمن في توقيتها حيث يتشكل العالم من جديد، ويشهد تحولات جيوسياسية عميقة.
وأضاف بودن في حديثه مع “سبوتنيك”، أن المملكة المغربية تتبنى منذ سنوات استراتيجية تنويع الشركاء في علاقاتها الدولية، مؤكدا أن عددا من البلدان لا يمكنها تحمل عدم التعامل مع شركاء دوليين وازنين، فالعلاقات مع هذه القوى الدولية، تجعل الفرص موجودة والأسواق متوفرة، وبحكم انفتاح الاقتصاد العالمي، فإن التعامل مع روسيا طبيعي متى توفرت المعايير.
وتابع بودن: “روسيا بالنسبة للمغرب هي جزء من المجتمع الدولي، والاقتصاد العالمي في ميادين الطاقة والحبوب والاقتصادين الأخضر والأزرق والسياحة والنقل الجوي، ومن الطبيعي أن يتجه جزء من المعاملات التجارية نحو السوق الروسية، كما أن البلدين تربطهما علاقات تقليدية تاريخيا وشراكة استراتيجية منذ سنة 2016، تم توقيعها بمناسبة زيارة الملك محمد السادس إلى روسيا ولقائه بالرئيس فلاديمير بوتين”.
واستطرد رئيس مركز أطلس: “البلدان لديهما وجهات نظر متقاربة في العديد من القضايا، وعلى هذا الأساس تحرز العلاقات الاقتصادية بين البلدين تقدما ملموسا باستمرار، في إطار سياسة البحث عن بدائل وموازنة وتنويع العلاقات التي يتبناها المغرب”.
ويرى بودن أن “المغرب يمثل حجر الزاوية في سياسة روسيا تجاه أفريقيا والمتوسط، ويعتبر حاليا الشريك التجاري الثالث لروسيا في العالم العربي وأفريقيا”.
وبشأن مستقبل العلاقات بين البلدين، يضيف بودن أن “المدى الذي يمكن أن تذهب إليه العلاقات المغربية-الروسية يعتمد على ما يخدم مصلحة البلدين، باعتبار أن المغرب بوابة أساسية للاستثمارات الأجنبية نحو أفريقيا، في إطار سعي روسيا لتبقى لفترة أطول في القارة وفي إطار الحديث عن التطلع نحو تفعيل الإطار القانوني للتعاون في مجال الطاقة النووية والطاقات المتجددة، واستجابة آليات العلاقة بين البلدين لمختلف التحديات المتعلقة بالأمن الغذائي والطاقي في عالم اليوم”.
وبشأن القمة الروسية الأفريقية المنعقدة في سان بطرسبورغ، يقول بودن: “أتصور أن أهمية القمة الروسية – الأفريقية تكمن في توقيتها حيث يتشكل العالم من جديد، ويشهد تحولات جيوسياسية عميقة، تبرز في إطار هذه المتغيرات المتسارعة قضايا السيادة بحدة، ولا شك أن بعض البلدان الأفريقية ترى في هذا النسق التصاعدي للسياسات الدولية فرصة للمستقبل رغم حجم التحديات الراهنة”.
وحسب بودن، فإن انتظامية اللقاءات الأفريقية الروسية لها فوائد للجانبين، إلى جانب الجهود الأفريقية للوساطة بين روسيا وأوكرانيا، في إطار مبادرة تتقاطع مع مبادرات دولية أخرى.
ويرى رئيس مركز أطلس أن الوضع الراهن فرض على عدد من دول القارة الأفريقية الشابة التعامل مع واقع جديد، خاصة أن الأزمة الروسية الأوكرانية أدت إلى زيادات حادة في أسعار الأسمدة والحبوب، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وزيادة مؤشرات انعدام الأمن الغذائي والطاقي في القارة، وهو عامل جديد يلقي بثقله على جدول أعمال القمة الروسية الأفريقية.
يشدد بودن على أن أهمية القمة تتضح كذلك من خلال تسليط الضوء على الأهمية المتزايدة لأفريقيا في السياسة الخارجية الروسية، فضلا عن كون أفريقيا القارة الأكثر ترحيبا بالمشاركة الروسية.
وتابع بودن: “أتصور أن القدرة التفاوضية لأفريقيا تتطور بخصوص الشراكات التي تجمعها بالقوى الدولية الكبرى بما في ذلك مع روسيا، وفي إطار منتدى فوكاك مع الصين، رغم أن الميل للمصالح الوطنية يحجب المصالح الجماعية للقارة الأفريقية التي تشهد بعض مناطقها هشاشة أمنية، وضعفا في تبني القواعد الديمقراطية لانتقال السلطة”.
وفي ظل المتغيرات الحالية على الساحة الدولية، أشار بودن إلى أن القمة الروسية – الأفريقية تستقطب الانتباه بسبب أهمية أفريقيا في السياسة العالمية، وأن أفريقيا تطمح للاستفادة من هذه المكانة وتحييد المخاطر الناشئة التي تهددها.
ولفت بودن إلى أن تقييم العلاقات الثنائية لروسيا مع البلدان الأفريقية يختلف عن تقييم الشراكة الروسية-الأفريقية في إطار جماعي.
وانطلقت، أمس الخميس، قمة “روسيا – أفريقيا 2023” في مدينة سان بطرسبورغ الروسية، التي تستمر ليومين متتاليين، 27 و28 يوليوز الجاري.
المصدر: وكالات