قال محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، إن “أزمة الحدود في إفريقيا تطرح إشكاليات تمس السيادة ووحدة الوطن، بل تمس أساس وجوهر الوجود الذي تقوم عليه الأوطان”، مؤكدا أن “هناك أسبابا عديدة لأزمة الحدود لم تتم معالجتها في وقتها بالحزم الذي يستدعيه الموقف”.
وأضاف بن عيسى، في الجلسة الافتتاحية للدورة الخريفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي الخامس والأربعين، مساء أمس الإثنين، أن “أزمة الحدود جعلت دولا وأنظمة معينة تستفيد من مخلفات هذا الوضع، وذلك لأغراض توسعية”، مردفا بأن “الأدهى من ذلك أن تظل تلك الأنظمة مصرة على تثبيت وضعٍ هو من مخلفات الحقبة الاستعمارية”.
وزاد الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة موضحا أن “ما جرى سنة 1963 في مؤتمر منظمة الوحدة الإفريقية، حين تم إصدار قرار غير منصف يقضي باعتماد الحدود الموروثة عن الفترة الاستعمارية في إفريقيا، هو ما نتجت عنه توترات ونزعات توسعية لدى أنظمة استغلت القرار لتستفيد مما ليس لها حقٌّ تاريخي فيه”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “هذا الانحراف أدى إلى أزمات عانت منها أقطار إفريقية، شرقا وغربا، شمالا وجنوبا”، مشددا على أن “التغلب على نتائج وعواقب هذه المعضلة لن يكون ممكنا إلا بالمقاربة المتبصرة، في إطار أجواء الأخوة والتعاون، ومنطق المصلحة المشتركة، وليس بمنطق القوة والتوسع”.
وأشار بن عيسى إلى أن “دورة هذا العام من موسم أصيلة الثقافي تؤكد ثباتنا على الخط الفكري، الذي يشكل هوية منتدى أصيلة، كفضاء مفتوح للتداول في القضايا الكبرى المطروحة على المستوى العربي والإفريقي والدولي، وما تثيره من رؤى ومواقف”، وأكد أن “الوفاء لهذا الخط جعل مدينة أصيلة منصة حرة للرأي والرأي الآخر، ومنتدى لحوار عميق بين نساء ورجال الفكر والسياسة والإبداع، من كل الأطياف والقارات والجنسيات والثقافات والأديان”، مشددا على أنه “حوار اتسم على الدوام بقدر عال من النضج والتبصر والمسؤولية، في ملامسة القضايا الإستراتيجية وتحليل الظواهر المعَقَّدة”.
من جهته قال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إن “وضع ما بعد الاستعمار في القارة الإفريقية ترك آثارا ومشاكل لم يتم حلها حتى الآن، وهي تمس العديد من الأقطار الإفريقية”.
وتساءل بوريطة، في الكلمة التي تلاها نيابة عنه فؤاد يازوغ: “هل سنبقى على هذا الوضع؟”، ليجيب بأن “المغرب أطلق مبادرات ناجعة في الساحل والأطلسي لحل القضايا والظلم الجغرافي الذي وقع على عدد من الأقطار، وذلك بهدف تحقيق التفاعل والاندماج الإقليمي بين بلدان المنطقة، وخاصة بين الشباب”.
وأكد المسؤول الحكومي ذاته أن “القارة الإفريقية في حاجة إلى هذه المبادرات، التي يعمل المغرب على دعمها”، معتبرا أن “مشروع أنبوب الغاز الرابط بين المغرب ونيجيريا يسعى إلى تطوير كافة الدول التي سيمر منها، وسيساهم في خلق دينامية اقتصادية واجتماعية ستصل ثمارها إلى شعوب ودول المنطقة”.
وسجل الوزير ذاته أن “المغرب حاول أن يطرح هذه المبادرة من خلال التركيز على قضايا هامة من شأنها أن تؤدي إلى حل المشاكل العابرة للحدود”، مشددا على أن البلد “يرى المستقبل من أجل إفريقيا بشكل مختلف عوض التركيز على الماضي”.
من جهته قال محمد مهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، إن “منتدى أصيلة دأب على ربط الجسور بين الشرق والغرب، والجنوب والشمال، لإعلاء صوت السلم والسلام”.
وأضاف بنسعيد، في كلمة ألقتها نيابة عنه المديرة الجهوية للوزارة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، إن “الموسم الذي راكم 45 سنة من الاشتغال على قضايا السياسة أصبح الصوت الذي لا يتوقف عن كتابة رسائل السلام وتشخيص الأوضاع وتحديد المفاهيم”، مشيدا بالأدوار التي يلعبها.
المصدر: وكالات