الأربعاء 6 دجنبر 2023 – 05:25
قال الباحث والأكاديمي سعيد بنيس إن مضمون كتاب “من التعدد إلى التعددية.. محاولة لفهم رهانات السياسة اللغوية بالمغرب” يرمي إلى مقاربة التعدد اللغوي في الحالة المغربية من خلال جانبين منفصلين، الأول يهم اللغة الواحدة، والثاني يتعلق بالنسيج اللغوي الذي يحكمه تفاعل لغات محلية وطنية وأخرى أجنبية دولية داخل التراب المغربي، مضيفا أن “التعدد ظاهرة عادية، لكن المشكل يتمثل في كيفية إدارة هذا التعدد، لاسيما أننا أصبحنا اليوم نتحدث عن سوق لغوية (واقعية وافتراضية)”.
وأوضح بنيس، في لقاء حواري مفتوح مع نزلاء ونزيلات السجن المحلي ببني ملال حول كتابه “من التعدد إلى التعددية.. محاولة لفهم رهانات السياسة اللغوية بالمغرب”، أن همّ الكتاب هو مقاربة النقلة التي يعرفها المغرب من خلال اعتماد اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية أولى بدل اللغة الفرنسية.
وتابع قائلا: “لقد انتقلنا دستوريا من بلد أحادي اللغة إلى بلد ثنائي اللغة، ومن ثمّ فأهم رهان يواجه المملكة المغربية فيما يتعلق بالتقسيم الترابي، إذا تمّ الانتقال من الاعتماد على البراديغم الاقتصادي والسياسي والإداري إلى البراديغم الثقافي والهوياتي واللغوي، هو تحدي الثنائية اللغوية الرسمية، والانتقال من الدسترة إلى المأسسة، ومن اللغة الدستورية إلى لغات وظيفية من خلال ترجمة إيجابية قادرة على النهوض بالمدرسة المغربية وتمكين الناشئة من لغة ترتقي بها على مستوى البحث والتكوين”.
وأشار الباحث، الذي حلّ ضيفا على المقهى الثقافي بالسجن المحلي ببني ملال، بحضور الناقدة والشاعرة أمينة الصيباري، إلى أن المقاربة المعتمدة في الكتاب هي مقاربة سانكرونية وليست دياكرونية، مضيفا أن الدراسة ركزت على فترة اعتماد الثنائية اللغوية بالمغرب من خلال دستور 2011. كما أبرز أن السياسة اللغوية التي تعتمد استراتيجية التعددية اللغوية تشكل أهم ضامن للھوية الثقافیة والاجتماعية، والحجر الأساس الذي يقوم عليه الرأسمال الاجتماعي المشترك بعيدا عن كل أشكال الاستبعاد الاجتماعي والتهميش.
وتمحورت مداخلات النزلاء حول التعدد والتعددية في علاقتهما بالجهوية اللغوية والأمن اللغوي، والسوق اللغوية بمكوناتها الواقعية و الافتراضية، ووضعية اللغة الأمازيغية في المنظومة التعليمية في ظل الدينامية المجتمعية. كما توقف بعض المتدخلين عند الامتدادات الفكرية التي بين كتاب “تمَغْرِبِيتْ.. محاولة لفهم اليقينيات المحلية” وكتاب “من التعدد إلى التعددية..”، فيما ذهب آخرون إلى التساؤل عن رهانات السياسة اللغوية بالمغرب وحكامة التعددية اللغوية في ارتباطها بالجهوية المتقدمة بالمغرب.
يشار إلى أن برنامج المقاهي الثقافية بالسجون فكرة أطلقتها المندوبية منذ سنة 2017 في إطار الجيل الجديد من البرامج التأهيلية، التي يتم من خلالها تمكين نزيلات ونزلاء المؤسسات السجنية من لقاء رجالات الثقافة والفن والعلم، وعيا منها بضرورة اعتماد وسائل ناجعة ترمي إلى تحقيق التكامل بين البرامج الثقافية والفكرية وبرامج تأهيل السجناء لإعادة الادماج، وتطوير مجال انفتاح السجين على العالم الخارجي تمهيدا لإدماجه فيه.
المصدر: وكالات