اغتنم محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل عضو القيادة الجماعية للأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، فرصة حضوره لقاء تواصليا حول “السياسة والشباب” مع شباب حزبه، ليكشف أن وزارته “تعمل على اللمسات الأخيرة قصد إطلاق برنامج جديد يستهدف فئات واسعة من الشباب المغاربة، وهو عبارة في جوهره عن تقديم خدمات صحية مجانية عبر 42 مركزاً صحيا على الصعيد الوطني بتنسيق مع القطاعات الحكومية المختصة”.
بنسعيد الذي كان يتحدث خلال جلسات حوارية بصيغة المائدة المستديرة جمعته مع عشرات الشباب والشابات في نشاط دعت إليه الأمانة الجهوية لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة الرباط-سلا-القنيطرة، ليل السبت-الأحد بالمكتبة الوطنية، قال إن “هذه الخدمة المجانية تأتي في إطار الخدمات التي أطلقتها الوزارة لفائدة الشباب على غرار [جواز الشباب] وباقة من الخدمات الرقمية التي وفرتها منذ بداية الولاية الحكومية”، معرجاً على “التكوينات التي أعادت بها تجديد أدوار دُور الشباب”.
“هذه البرامج الموجَّهة للشباب كانت في الأصل ضمن البرنامج الانتخابي لحزب الأصالة والمعاصرة ونظرتنا التي تجعل من هذه الفئة في صدارة الأولويات، وكان التحدي الذي رفعناه هو أن أيَّ شيء التزمْنا به مع المغاربة يجب تنفيذه”، يوضح بنسعيد لشباب الرباط وعدد من مدن المملكة غصت بهم قاعة المكتبة الوطنية، مضيفاً بنبرة استدراك وإقرار: “إذا لمْ نستطع القيام ببعض الأشياء أو تحقيق بعض الوعود، سنُبرر ونشرح للمغاربة الظروف التي منعتنا”.
“البام” والشباب
لم يخْلُ حديث القيادي في “البام” من “فلاش باك” استدعى تاريخ الحزب ونشأته وبداياته ضمن “سياقات” حاول تبسيطها للشباب الحاضر ومناضلي شبيبة حزبه، وقال إن “حزب الأصالة والمعاصرة عندما كان في صفوف المعارضة لأزيد من 12 سنة كان ينادي بالاهتمام بالشباب وجعله أولوية (…) وإذا كانت بعض الأحزاب تعرف هذه الفئة قبل أسبوع من الانتخابات فقط عندما تُرشّحها في دوائر غير ذات أهمية…، فإننا حققنا نسَبَ ترشيح وتزكية قوية للشباب أفضت إلى أن يكون في مناصب مسؤولية مركزية وترابية وجهوية”.
وزاد مردفا: “كان أول شيء قُمنا به داخل الحكومة الحالية بعد تعيينها هو تفعيل سياسة عمومية موجهة للشباب، واليوم تجربة الرباط-سلا-القنيطرة رائدة وطنياً بفعل خدمات جواز الشباب الذي يتيح تخفيضات في التنقل وولوج أماكن أثرية وثقافية، ويمكن أن نقول بكل اعتزاز وفخر إنه قرَّبَ هذه الخدمات من نحو 100 ألف شاب وشابة (85 في المائة منهم عبّروا عن ارتياحهم)، وهو حاليا في مرحلة دراسة إمكانيات تطويره ليشمل قطاعات اجتماعية أخرى رياضية وسياحية وغيرها، قبل تعميمه تدريجيا بجهات أخرى”.
وتابع مشددا بأن “بعض الأحزاب السياسية المغربية دائما ما كانت تقول بضرورة إشراك الشباب والاهتمام به، لكن قولاً فقط أو [بالترشيح بالفْمّ النضالي]، إلا أن حزب الأصالة والمعاصرة مرّ لتنفيذ هذه المفاهيم انطلاقا من المسؤوليات التي يتحمّلها، بل ونحاول في وزارة الشباب بناء شراكات فاعلة مع قطاعات حكومية نتقاطع معها، ثم الانفتاح على الخواص الذين لديهم إرادة لتقريب خدماتهم إلى الشباب، أي الذهاب إليهم وعدم انتظار مجيئهم إلى هاته الخدمات”.
وفي “انتقاد مبطّن”، لفت عضو القيادة الجماعية للأمانة العامة لحزب “الجرار” إلى فكرة مفادها أن “بعض الأحزاب السياسية التي لا تولي أهمية للشباب داخل هياكلها وتنظيماتها (وهو ما تجلى بوضوح مثلا في تسجيل نسبة العزوف الانتخابي القوي من طرفهم في سنة 2007) تدفع بهذه الممارسات في اتجاه تحفيز نفور الشباب من العمل السياسي أو الفعل الانتخابي… إذا مادْرْناش السياسة غادِي تْدْار علينا وحينها لا يجب علينا التباكي بعد التفريط”.
“مكتبات متنقلة نحو شباب القرى”
في المقابل، قال الوزير ذاته إن “إشكالية تسهيل التنقل بالعالم القروي والمناطق النائية بالمغرب تُعسّر من مهمة تقريب الخدمات العمومية من شباب تلك المناطق”، لكنه زاد مستدركا: “نعمل على بلورة شراكة مع وزارة الفلاحة والتنمية القروية بهدف تنظيم تكوينات ومخيّمات موجهة لشباب العالم القروي خصيصا على مدار أشهر السنة، وليس كما هو متعارف عليه في الصيف فقط”.
وأضاف بنسعيد مُبشّراً شباب القرى المغربية: “كما سنقوم بإطلاق فكرة مبتكرة تهمّ مكتبات تتنقل في العالم القروي (biblioBUS) كي تأتي هذه الخدمة العمومية حيث يوجد هؤلاء الشباب في انتظار مواكبة بنيات تحتية جديدة تتطلب استثمارات أكبر وشراكات مع المجالس الجهوية والترابية”.
“دعم الصحافة المعقولة واجب”
في موضوع آخر أثاره تفاعلاً مع عدد من أسئلة الشباب المُحاوِرِ له على المنصة، قال وزير الشباب والثقافة والتواصل إن “الأخبار والمعلومات الزائفة المنتشرة بسرعة في زمننا هي نتاج طبيعي للتطورات التكنولوجية، للأسف. وبالطبع لكيْ يُثار انتباه مستهلكِي المعلومة كيمْشِيوْ يقلبو على البوز (buzz) أكثر من مصداقيتها أو صحتها بحثاً عن نقرات (الكْليك)…”، مفيدا بأن دراسة قامت بها وزارته أفضت إلى أن “80 في المائة من الأخبار/المعلومات الزائفة تُنشر فقط على مواقع التواصل وصفحات بعيْنها لا همَّ له إلا الربح من وراء الكليك، وعند تتبُّعها ثبتَ أنها ماكايْناش”.
في مقابل هذا الوضع، جدد بنسعيد دعوته الصريحة إلى “وجوب تقوية المؤسسات الإعلامية المعقولة ودعمها لتضمَن المصداقية”، وزاد قائلا: “هي منابر ومؤسسات موجودة وتَجتهد وتشتغل بمهنية وصدق وجب دعمُها، وهذا من الحلول المقترَحة لهذه الإشكالية”.
وتابع الوزير شارحا بأن “دور وزارة الاتصال هو تقوية الإعلام المعقول، وليس صفحات وهمية”، وفق تعبيره.
المصدر: وكالات