على الرغم من فشلها المتكرر في التحريض ضد المغرب وفي تقويض التحركات الدبلوماسية المغربية بخصوص قضية الصحراء؛ فإن جنوب إفريقيا، التي مُنيت منذ أيام بهزيمة دبلوماسية أخرى تنضاف إلى سجل هزائمها الحافل بعد فشلها في ترؤس مجلس حقوق الإنسان الأممي لصالح الرباط، لا تتردد في كل مرة في التعبير عن مواقف مناوئة للوحدة الترابية للمملكة وتؤكد في كل فرصة ومناسبة أنها ماضية في “سياستها العدوانية ضد الرباط والمحرضة ضد سيادتها على أقاليمها الجنوبية”.
مناسبة هذا الكلام هي تجديد سيريل رامافوزا، رئيس جنوب إفريقيا، الأحد الماضي، لموقف بلاده الداعم لما يسمى “كفاح الشعب الصحراوي وقضيته العادلة”، في خطاب له على هامش احتفالات الذكرى الـ112 لتأسيس حزب “المؤتمر الوطني الإفريقي” الحاكم في البلاد، والتي احتضنها ملعب مبومبيلا في مدينة نيلسبروت، دون أن تفوت هذه المناسبة دون استقبال رئيس هذا البلد الإفريقي لممثلين عن الكيان الوهمي؛ على رأسهم “الوزير الأول” في حكومة المخيمات.
محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، قال إن “إصرار أعداء المملكة المغربية وخصوم وحدتها الترابية، على رأسهم جنوب إفريقيا، على استحضار المشروع الانفصالي في مختلف الفعاليات السياسية وحتى الحزبية ينم عن محاولات هذه لإنعاش هذا المشروع في ظل التراجع الكبير والتفكك الذي عرفه المعسكر الانفصالي في الآونة الأخيرة”.
وأضاف عبد الفتاح أن “جنوب إفريقيا وغيرها من الدول الداعمة للبوليساريو إنما تحاول رد الاعتبار لهذه الأخيرة في ظل تراجع الدعم الدولي الذي كانت تحظى به أمام تنامي دعم الطرح المغربي الواقعي والعملي لإنهاء هذا النزاع المفتعل”، مشيرا إلى أن “الدبلوماسية المناوئة للمغرب منيت، في السنوات الأخيرة، بهزائم أثرت على معنوياتها وعلى قدرتها في مجابهة الانتصارات الدبلوماسية التي حققتها الرباط علاقة بملف وحدتها الترابية”.
واعتبر رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، في حديثه مع هسبريس، أن “جنوب إفريقيا تسجل مواقف معادية للرباط من منطلق توجسها من تصاعد الدور المغربي في القارة الإفريقية؛ فقد باتت ترى في الرباط منافسا قويا لها على زعامة القارة السمراء، خاصة من داخل الهيئات القارية والأممية، فضلا عن المبادرات الاقتصادية والاستثمارية الكبرى التي أطلقها المغرب في عمقه الإفريقي والتي أثارت حفيظة أعدائه”.
من جانبه، أورد إسماعيل أكنكو، باحث في العلوم السياسية، أن “أبرز سبب يجعل جنوب إفريقيا تبقي على دعمها المتواصل لجبهة البوليساريو والخيار الانفصالي في الصحراء المغربية هو الاستفادة من الثروات الجزائرية واقتحام السوق الجزائرية، وإذكاء التوتر بين أبرز بلدان إفريقيا الشمالية؛ تحديدا المغرب والجزائر، من أجل التفرغ للزعامة الإفريقية وإبراز مؤهلاتها السياسية لتمثيل إفريقيا على الصعيد الدولي، إذ لا يمكنها ذلك إلا من خلال خلق نزاعات هامشية عملا بمبدأ فرّق تسد”.
وأضاف أكنكو، في تصريح لهسبريس، أن “العديد من الأحداث والمواقف الدولية بيّنت أن الزخم الذي كانت تحظى به جبهة البوليساريو ومعها الدول الداعمة لها تآكل وبدأ في الانهيار على الأقل منذ الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، وافتتاح عدد من الدول الإفريقية والعربية لقنصليات وتمثيليات دبلوماسية لها في الصحراء المغربية، وصولا إلى تزكية المغرب لرئاسة مجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف”.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن “كل هذه المؤشرات تحمل دلالات عميقة على أن الطرح الانفصالي لم يعد يُسمع له أي ركز على الصعيد الدولي، ومن الضروري التذكير في هذا الإطار بأن مجلس الأمن الدولي نفسه دائما ما نوّه ويُنوه في كل قراراته ذات الصلة بالجهود المبذولة من قبل المغرب ومقترحه القاضي بمنح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية باعتباره حلا سياسيا واقعيا وعمليا لنزاع الصحراء منسجما مع الشرعية الدولية”.
المصدر: وكالات