في اليوم الذي صادقت فيه اللجنة الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، على تسجيل القفطان المغربي تراثاً غير مادي عالمياً احتضن مقرّ إقامة السفير المغربي المعتمد لدى جمهورية أذربيجان، مساء أمس الأربعاء، عرضاً للأزياء سلّط الضوء على بعض من أعمال المصممتين المغربيتين وفاء الإدريسي ونبيلة العيساوي المقيمة في البحرين.
ولنسج الخيط بين اجتماع اللجنة الحكومية سالفة الذكر في الهند والاحتفاء في العاصمة الأذربيجانية باكو، الذي حضرته مختلف التمثيليات الدبلوماسية وشخصيات فنية واقتصادية في الدولة الأوراسية، اعتبرت جل المداخلات التي تم تقديمها أثناء العرض أن هذه المحطة تشكّل “لحظة تاريخية” تعكس الاعتراف الدولي بقيمة القفطان المغربي، ليس فقط كزيّ تقليدي، بل “كعنصر مغربي حصري يعبّر عن تراكمات قرون من الإبداع والمهارة الفنية التي بصمت الهوية الوطنية”.
أصالة للاستثمار
في كلمته الافتتاحية للعرض قال السفير المغربي بباكو، محمد عادل أمبارش، إن “القفطان يُعدّ واحداً من أكثر التجليات رمزية وخلوداً للأناقة المغربية”، معتبراً أن “القفطان ليس شيئاً جديداً، فقد وُجد منذ قرون، وتطوّر عبر الأجيال والتوقيعات، وظل يجدد نفسه باستمرار”، مشيراً إلى أن العديد من الشخصيات الدولية والمشاهير حول العالم ارتدوه بفخر، ما ساهم في رفع مكانته على الصعيد العالمي”.
وأضاف أمبارش، وهو يقرب الحاضرين الأجانب من أحد مكونات الثقافة الوطنية، أن “الكثير من بيوت الأزياء العالمية الكبرى استلهمت من القفطان”، مقدما أمثلة من قبيل “كريستيان ديور، إيلي صعب، أوسكار دي لا رينتا، وإيف سان لوران، بل وخصصت بعضها مجموعات كاملة مستوحاة من القفطان المغربي”، وتابع: “لعل أحدثها كان من دار كريستيان ديور التي عرضت مجموعتها من القفاطين المغربية في مراكش العام الماضي”.
ولأن هذه المرة الثالثة التي تنظم فيها السفارة عرضاً حول القفطان بشكل أساسي فإن هذا العرض “ينال قوته” بعد تسجيل الزي المغربي ضمن قائمة التراث العالمي لــ”اليونسكو”، ولهذا شدد المسؤول الدبلوماسي على أن “هذه الخطوة كانت محل متابعة كبيرة من الشعب المغربي”، مسجلاً أن “هذا تكريم لكل الخياطين والمصممين والمطرزين والحرفيين، مئات الآلاف منهم الذين ضمنوا عبر القرون أن تظل المرأة أنيقة وهي ترتدي هذا اللباس العريق والأصيل”.
“تنوع في الوحدة”
قالت زوجة السفير المغربي عائشة البخاري إن “القفطان فريد ومميز للغاية”، وأضافت وهي تقدّمه للحاضرين: “هو لباس طويل يغطي كامل الجسد مع خطوط متقنة تنساب بانسيابية راقية، تُبرز ما ترغب المرأة في إبرازه وتخفي ما تفضّل عدم إظهاره. نرتديه في جميع مناسباتنا الخاصة، من الاحتفالات إلى الأعراس وغيرها من المناسبات الكبرى”.
ودافعت البخاري عن الكثافة في الإبداع التي يقترحها هذا اللباس، الذي يضمن تنوعاً في الصياغة تعضّد تنوع القفطان المغربي، موردة: “حين تحضر النساء في حفل زفاف في المغرب قد تكون أعداد من يرتدين القفطان غفيرة، لكن من المستحيل العثور على امرأتين ترتديان التصميم نفسه”، وتابعت: “قد تتشابه الأقمشة والألوان، لكن كل واحدة تصنع تصميمها الخاص لدى الخياط، وهذا ما يجعل كل قفطان فريداً من نوعه”.
كما وضحت زوجة السفير التفاصيل المرتبطة بالقفطان في شكليه التقليدي والعصري، وكذا “التكشيطة”، والفروق بينهما، بالإضافة إلى “الجبادور”، وذلك بغرض فهم أفضل لأحد “أهم الكنوز الثقافية الرمزية في المغرب”، وتقوية التصور حول أهميته التراثية والفنية وتطوراته التاريخية، لدى الجمهور الأذربيجاني والأجنبي الذي حضر الحفل.
“الجهود متواصلة”
في كلمة لها قالت هند جودار، رئيسة جمعية “طريق الحرير والأندلس” ومؤسسة “عرض أزياء الشرق” و”أسبوع الموضة المغربية” بمراكش، إن “إدراج القفطان في قائمة التراث العالمي لليونسكو محطة مفصلية بالنسبة إلينا كمغاربة لكونه جزءا من تراثنا ومن توقيعنا الوطني، فهو حاضر في كافة تفاصيلنا التاريخية والعائلية، وهذا الإدراج مهم بالنسبة إلينا”.
وضمن حديثها إلى جريدة هسبريس الإلكترونية أكدت المتحدثة أن “هذه الخطوة تستدعي المزيد من العناية بالحرفيين، فهم سر هذا الغنى، لكون أناملهم هي التي تستطيع تنزيل ما نقوم بتصميمه”، معتبرة أن السعي إلى خلق جسر بين التصميم المعاصر والحرف التقليدية ذات الارتباط بالقفطان المغربي يجعله حاضراً في حياتنا اليومية والمناسبات الخاصة، مع الحفاظ على أصالته وقيمته الثقافية.
ومن أجل العمل على تطوير منظومة مستدامة لحماية هذا الإرث أفادت المصممة ذاتها بأنه “لابد من تشجيع الأجيال المقبلة على تعلم الحرف التقليدية المرتبطة بهذا العنصر”، مشيرة إلى أن “الحفاظ على هذا الإرث يحتاج مسؤولية حقيقية تتطلب دعماً مادّياً ومعنوياً للحرفيين، وتوفير منصات تسويقية تضمن لهم الاستمرارية وتحافظ على جودة الصناعة التقليدية المغربية”.
المصدر: وكالات