صدر، حديثا، مؤلف جديد للكاتب والإعلامي لحسن باكريم تحت عنوان “الأمازيغية في الإعلام المغربي المكتوب.. تجربة جريدتي العلم وتاسافوت”، حاول فيه دراسة حضور اللغة الأمازيغية في الإعلام المغربي المكتوب من خلال الجريدتين المذكورتين.
وأوضح باكريم، في هذا السياق، أن “الكتاب يحاول بما كان توضيح كرونولوجية الإعلام المغربي المكتوب بالأمازيغية؛ ذلك أن بداية هذا النوع من الإعلام كانت جمعوية بالأساس عبر مناشير الجمعيات والنشطاء الأمازيغ، قبل أن تنتقل إلى صيغ أخرى، بما فيها ملاحق بجرائد حزبية”.
وأضاف الإعلامي ذاته، في حواره مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “العناية الملكية بورش الأمازيغية أعطت دفعة لهذه اللغة حتى باتت تحتل مكانة ضمن صفحات الجرائد والمجلات المكتوبة بالمملكة؛ إلا أن الإعلام يظل مدعوا دائما إلى إيلاء العناية التامة لهذه اللغة، باعتباره من بين القنوات التي ستتم من خلالها حماية هذه اللغة وضمان استمراريتها”.
وفيما يلي نص الحوار:
ما الذي سعيتم إلى مقاربته ضمن هذا المؤلف؟
الكتاب الجديد يطرح موضوع الأمازيغية في الإعلام المغربي المكتوب، ويبين حجم الإقصاء والتهميش الذي عانت منه المسألة الأمازيغية في الإعلام عموما. فهذا الإقصاء دفع الجمعيات المدنية إلى إصدار جرائد ومجلات تهتم بالموضوع، قبل أن تظهر مبادرة صحف حزبية بإصدار ملاحق أسبوعية للاهتمام بالأمازيغية؛ من بينها صحف كانت الحركة تتهم أصحابها بعرقلة مسار الاعتراف بأمازيغية المغرب. ومن هذا المنطلق، حاول الكتاب أن يبرز تجربة جريدة “العلم”، لسان حزب الاستقلال التي شرعت في نشر ملحق خاص بالأمازيغية منذ سنة 2007.
إلى ماذا توصلتم بخصوص حضور الأمازيغية ضمن الإعلام المغربي المكتوب؟
في إطار سعيه إلى المقارنة بين التناول الجمعوي والحزبي للمسألة الأمازيغية إعلاميا، أبرز الكتاب أيضا تجربة جريدة كل من “تاسافوت” و “الشعلة” التي كانت تصدرها منظمة “تاماينوت”. ومن هذا المنطلق، خلص إلى أن الإعلام الأمازيغي جمعوي الميلاد؛ بالنظر إلى العمل الجبار الذي قامت به الحركة الأمازيغية على المستوى الإعلامي من أجل التعريف بنفسها. كما أبرز التناقض بين اهتمام الإعلام الحزبي بموضوع الأمازيغية مقابل مواقف سلبية للأحزاب من الأمازيغية (حزب الاستقلال وجريدة العلم نموذجا).
كدارس لهذا الموضوع، هل انعكست الإصلاحات المنجزة بخصوص دسترة الأمازيغية على واقع اللغة وحضورها على مستوى الإعلام الوطني، المكتوب منه تحديدا؟
من خلاصات الكتاب أن المجهود الذي قام به الإعلام الأمازيغي منذ نهاية الستينيات من القرن الماضي وما قدمه جلالة الملك للأمازيغية منذ توليه عرش المملكة كان له انعكاس إيجابي ومهم على تناول الإعلام المكتوب لموضوع الأمازيغية؛ فملك البلاد أحدث ثورة في الموضوع انطلاقا من خطاب أجدير إلى دسترة اللغة، ثم ترسيم السنة الأمازيغية مؤخرا. وهذه الإجراءات كلها كانت حاضرة على صفحات الجرائد والمجلات والمواقع.
ولكن بالنظر إلى ما عانت منه الأمازيغية تاريخيا من إقصاء وتهميش، يجب أن يقوم الإعلام بالتعامل مع اللغة والثقافة الأمازيغيتين بالتمييز الإيجابي إنصافا لها؛ لأن السؤال المركزي في هذا الموضوع بعد كل هذه الجهود هو: هل يزداد عدد المتحدثين باللغة الأمازيغية أم يتناقص؟،
فإنقاذ هذه اللغة من الانقراض يظل رهين جهد أكبر في ميدان الإعلام والتعليم، على وجه التحديد.
ألم تلمسوا نوعا من عدم الإقبال على الاستثمار في الإعلام باللغة الأمازيغية، من الناطقين بتمازيغت، وبالتالي بقيت التجارب في إطارها الجمعوي؟
حسب ما أشرنا له في الكتاب، فالإعلام الأمازيغي مر بمراحل عديدة؛ من إعلام جمعوي إلى تجارب نشطاء أمازيغ إلى ملاحق أسبوعية في اليوميات الحزبية ومن ثمّ اليوم في مقاولات إعلامية، فهي تبقى تجارب محسوبة على رؤوس الأصابع. إن الإشكال يتعلق بصعوبة الاستثمار في الإعلام بشكل عام، وكل المقاولات الإعلامية تواجه في الوقت الراهن مشاكل كبيرة.
أما المقاولات الإعلامية الهادفة إلى النهوض بالأمازيغية فإنها تعيش هذه المشاكل بشكل مزدوج، على اعتبار أنها تصطدم بإشكالية أخرى تتعلق بالتخصص في اللغة؛ مما يستدعي الانتباه إلى خطورة الأمر؛ وذلك من خلال آليات الدعم والمصاحبة وحصص الإشهار والنهوض بتعليم اللغة الأمازيغية بحرفها “تيفناغ” على مستوى المدارس.
كسؤال أخير، كيف استشرفتم ضمن الكتاب مستقبل الأمازيغية على مستوى الإعلام؟
في خاتمة الكتاب، هناك عدد من الخلاصات تدعو إلى الاهتمام بالإعلام الأمازيغي؛ لأن الإعلام والتعليم هما القطاعان المعول عليهما لإنقاذ اللغة الأمازيغية من الانقراض. وسيتم ذلك أولا من خلال تشجيع الإعلام المتخصص عبر المواكبة والدعم والتعامل بتمييز إيجابي، خاصة بالنسبة للمقاولات الناشئة. وثانيا بإلزام باقي المنابر الإعلامية بالاهتمام بالموضوع عبر دفتر تحملات مرتبط بالدعم؛ من أجل إيلاء الأمازيغية ما تستحقه باعتبارها صلب الهوية المغربية، كما أكد على ذلك جلالة الملك أكثر من مرة.
المصدر: وكالات