أصدرت المحكمة قرارا يقضي بتجريد الحبيب المالكي من صفة عضو من مجلس النواب، بناء على الاستقالة التي تقدّم بها على إثر تعيينه من قبل الملك رئيسا للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.
وقالت المحكمة، ضمن قرارها الذي اطلعت عليه، إن المالكي “في وضعية تناف مع مهام رئاسة هذا المجلس، ويتعين معه إقرار تجريده من صفة عضو بمجلس النواب، والتصريح بشغور المقعد الذي كان يشغله به”.
واعتبرت المحكمة أن “رئاسة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وهو المجلس المحدث بمقتضى الفصل 168 من الدستور، تعد من المهام العمومية في مصالح الدولة التي تتنافى مزاولتها مع العضوية في مجلس النواب طبقا لأحكام المادة 14 (الفقرة الثالثة) من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس المذكور، وتترتب عنها الآثار التي نصت عليها الفقرة الأخيرة من المادة 17 من نفس القانون التنظيمي من أنه يجرد بحكم القانون من صفة نائب الشخص الذي يقبل أثناء مدة انتدابه مهمة تتنافى مع هذا الانتداب”.
وفي هذا الإطار، قال زهير غازلي، باحث القانون العام والعلوم السياسية، تعليقا على القرار إن “المحكمة الدستوري قد أسّست لقاعدة تشريعية فضلى بإقرارها بتنافي العضوية في مجلس النواب مع رئاسة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، ومن باب القياس، مع باقي مؤسسات وهيئات الحكامة”.
وأوضح غازلي، ضمن مقال توصلت به هسبريس، أن “الاجتهاد المقدم لتكريس هذه القاعدة يكشف عن جانب مهم من الإشكالات تطرح حول استقرار الاجتهاد القاضي الدستوري ومكونات العناصر النظرية لمؤسسات وهيئات الحكامة التي لم تكتمل بعد، رغم مرور ما يزيد عن عشر سنوات على دسترة هذه المؤسسات، بحيث تبقى العديد من الجوانب المرتبطة بها لا تزال تحتاج إلى البحث والتدقيق”.
وأفاد الباحث في القانون العام والعلوم السياسية بأن “النقاش سيطرح التساؤل أيضا حول طبيعة القراءة التي ستقدّمها المحكمة الدستورية لهذه النازلة، لا سيما أن الأمر يتعلق بمؤسسة دستورية مستقلة ومدى إمكانية تقديمها لاجتهاد قضائي يرتبط برئاسة مؤسسات وهيئات الحكامة، على غرار اجتهادها السابق حول تعيين الأمين العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي”.
واعتبر غازلي أن حالة تنافي العضوية في مجلس النواب مع المؤسسات المستقلة دستوريا ظلت مقتصرة فقط على المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، كما أن المادة 14 من القانون التنظيمي لمجلس النواب تتحدث عن تنافي العضوية في هذا المجلس مع مزاولة كل مهمة عمومية غير انتخابية، في مصالح الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية…”وهو ما جعل حالات تنافي العضوية بمجلس النواب مع رئاسة مؤسسات وهيئات الحكامة الواردة في الباب الثاني عشر من الدستور محل فراغ تشريعي”، على حد قوله.
وأشار الباحث ذاته إلى أنه “انطلاقا من حيثية إن رئاسة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي تُعد من المهام العمومية في مصالح الدولة التي تتنافى مزاولتها مع العضوية في مجلس النواب، ستتوّسع المحكمة الدستورية في تأويل المادة 14 من النظام الداخلي لمجلس النواب، وستكرّس لقاعدة تشريعية فضلى بإدراجها لحالة رئاسة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وعبره باقي مؤسسات وهيئات الحكامة الواردة في الباب الثاني عشر من الدستور، ضمن حالات التنافي مع العضوية بمجلس النواب”.
وأوضح غازلي أنه “سيتم إدراج المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي وباقي مؤسسات وهيئات الحكامة المؤطرة بموجب الباب الثاني عشر من الدستور ضمن خانة المؤسسات والمقاولات العمومية، حسب منطوق المادة 14 من القانون التنظيمي لمجلس النواب التي استندت إليها المحكمة الدستورية، والتي ربطت “المهمة العمومية” بمزاولتها في مصالح الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية..”، معلقا بالقول: “وهو ما يثير تساؤلات عديدة، ويطرح النقاش حول العقيدة الاجتهادية للقاضي الدستوري حول هذه المؤسسات”.
المصدر: وكالات