اقترح الباحث المغربي حسن المودن نموذجا تفسيريا جديدا يسميه “عقدة قابيل” التي استوحاها من بعض النصوص الدينية والتاريخية والأدبية والأسطورية، قائلا في أحدث كتبه إنها عقدة قادرة على “تفسير ظواهر العنف والقتل والإرهاب والإجرام في المجتمع الإنساني المعاصر، خاصة أننا في مسألة “الأخوة” أمام عقدة أخطر وأهم في تكوين الذات الإنسانية وبنائها النفسي والاجتماعي”.
وفي العمل الصادر عن دار كنوز المعرفة بالأردن بعنوان “الإخوة الأعداء في السرد الغربي والعربي، مقاربة نفسية جديدة”، ذكر الباحث أن عقدة قابيل “تسمح لنا بأن نتجاوز التصور الفرويدي، الذي يركز على النمو النفسي ـ الجنسي القائم على دينامية نفسية داخلية وفردية، إلى تصور نفسي يحاول أن يؤسس تحليلا نفسيا قادرا على وصف هذا الفضاء العلاقي التفاعلي بين الذوات الإنسانية في فضائها العائلي الاجتماعي المشترك”.
هذه “الدراسة النفسية التطبيقية” انطلقت من افتراض أنه “من الممكن أن نستمد من النصوص الأسطورية أو الدينية أو الأدبية مفهومات وتصورات نفسانية مختلفة ومغايرة لتلك التي صرنا نسقطها على الكثير من النصوص”، مع دفاعها عن إمكان “استيحاء مفهومات نفسانية أخرى”، من هذه النصوص.
وانطلاقا من نماذج من أقدم المحكيات الدينية والأسطورية، ونماذج من أحدث المحكيات الأدبية، والروائية بالأخص، تابعت شارحة أنه “إذا كان التحليل النفسي، وخاصة عند فرويد، قد استمد من الآداب القديمة والحديثة ما أسس به انقلابا جذريا في فهم الإنسان وتفسيره”؛ فإن “إعادة قراءة الآداب الإنسانية، القديمة والحديثة، يمكنها أن تساعد على تطوير مفهوماتنا النقدية والنفسانية، بما يغير من تصوراتنا للآداب الإنسانية التي كانت دوما تولي عناية خاصة لعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان”.
وخصص الكاتب الفصل الأول من عمله الجديد “لمسألة الإخوة الأعداء في المحكيات الدينية”، وافترض المبحث الأول للفصل “أن قصة النبي يوسف الدينية (كما هي في القرآن الكريم) هي عكس أسطورة أوديب التي مسرحها التراجيدي الإغريقي سوفوكليس”، وعاد المبحث الثاني إلى “قصة قابيل وهابيل الدينية، بافتراض أن قتل الأخ هو الخاصية الراسخة في العائلة الأولى”. أما ثالث المباحث فـ”تناول بالدرس المحكي الإبراهيمي، وعلاقة إبراهيم بابنيه: إسماعيل وإسحاق، والصراع بين الأخوين حول من يحق له أن يرث الأب؛ والسؤال المركزي في هذا المبحث هو: أيتعلق الأمر بعقدة أوديب أم بعقدة إبراهيم أم بعقدة قابيل؟”.
واهتم الفصل الثاني بـ”مسألة الإخوة الأعداء في الآداب الغربية الحديثة”، وعبر أربعة مباحث بحث في “كتاب رولان بارت: عن راسين، وتساءل بخصوص الاثنين معا: أيتعلق الأمر بعقدة أوديب أم بعقدة الأخوة؟ (…) وتساءل بخصوص مسرحية “هاملت”: أيتعلق الأمر بعقدة أوديب أم بعقدة الأخوة؟”، ثم “مسألة الإخوة الأعداء في الرواية الغربية الحديثة، وخاصة عند دوستويفسكي وكازانتزاكي وساراماغو”، ثم كشف “الموضوع الأكثر حضورا في الرواية البوليسية، وخاصة عند أجاثا كريستي: الشر العائلي”.
وخصص المودن الفصل الثالث لـ”الرواية العربية”، مهتما بـ”صراع الإخوة في رواية: أولاد حارتنا للروائي المصري نجيب محفوظ، بوصفها الرواية التي تدشن انتقال هذا الروائي العربي من الاهتمام بسؤال الأب إلى الانتباه إلى أهمية سؤال الأخ”. كما اهتم بـ”شخصية الإرهابي، بوصفها شخصية جديدة في الرواية العربية المعاصرة، من خلال رواية الروائي المغربي خالد أقلعي: خريف العصافير”، متسائلا إن كان الأمر يتعلق عند الإرهابي بعقدة أوديب أم بعقدة الأخوة”.
وتناول الفصل الأخير “مسألة الأخ المنبوذ في الرواية العربية، من خلال رواية الروائي السعودي عبد الله زايد: المنبوذ”، ثم تطرق إلى “سؤال الأخوة في الرواية النسائية العربية، من خلال رواية: غرف متهاوية للكاتبة الكويتية فاطمة يوسف العلي”، حسب الورقة التقديمية للعمل الجديد.
المصدر: وكالات