احتفل المغاربة أمس الاثنين بالذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء، كحدث فريد ضمن مسلسل استكمال الوحدة الترابية للمملكة حقق من خلاله المغاربة هدفهم بإنهاء الوجود الأجنبي والاستيطان الاستعماري.
في السادس من نونبر سنة 1975، توجه المغاربة متطوعين، بمختلف فئات وشرائح المجتمع المغربي ومن سائر ربوع الوطن، باتزان صوب الأقاليم الصحراوية لتحريرها من الاحتلال الإسباني، سلاحهم في معركتهم إيمان راسخ وأسلوب حضاري سلمي.
تحل هذه الذكرى سنة 2023، حسب حميد البريري، باحث في التاريخ، والمغرب يكسب بفضل مجهود دبلوماسي اعترافات دولية عديدة تعزز مقترح المغرب بخصوص الحكم الذاتي في قضية الصحراء المغربية، رغم محاولات أعداء الوطن التشويش على هذه الانتصارات الدبلوماسية، من خلال زعزعة الاستقرار بالمنطقة، مبرزا أن الحدث الذي وقع بالسمارة نموذج لهذه التشويشات.
وقال الباحث، في تصريح لهسبريس، إن الحيوية في النشاط الدبلوماسي الذي يعرفه المغرب أمر موروث وأحد الأعراف، موضحا في هذا السياق أنه في اللحظة التي كان فيها المغرب مهددا من طرف ثلاث إمبراطوريات في معركة واد المخازن، وهي الإمبراطورية العثمانية والإسبانية والبرتغالية، استطاع أن يناور بين هذه الإمبراطوريات ولم يتمكن أحد من احتلاله، باستثناء الملك سبيتيان بحكم ضعف خبرته ودرايته، رغم تحذير عمه فليب الثاني إمبراطور إسبانيا من التوغل في المغرب، فلم يمتثل لنصيحته فجاء إلى المغرب فمني بهزيمة معركة وادي المخازن.
“المغرب استطاع دائما أن يخرج بسلام من أزماته دون احتلال الدول لبعض الأطراف من المغرب”، سجل البريري، الذي زاد أن من بين دروس المسيرة الخضراء هو أن هناك إمكانية لتحرير البلاد من الاستعمار دون حروب، إذا كانت الشعوب تؤمن وحدة وطنها، مبرزا أن هذا الحدث التاريخي فريد، حيث توضح المصادر التاريخية أنه لم يسبق لأرض أن تحررت بهذه الطريقة وإنما بالحروب؛ إلا أن المغرب والمغاربة آمنوا بوحدة وطنهم وأراضيهم ونجحوا في ذلك.
وشدد المتحدث على أن هذه الذكرى تجسد كذلك مدى التحام الشعب المغربي وراء الملك محمد السادس الذي تبع خطى والده الحسن الثاني في توحيد البلاد بحدث المسيرة الخضراء، إذ إن المملكة تعرف اليوم نشاطا دبلوماسيا استطاع كسب مكاسب مهمة لصالح الوحدة الترابية دون اللجوء إلى حرب.
وشبه الباحث حدث المسيرة الخضراء ويجر من معاني التشبث بالأرض بحدث تسليم مدينة العرائش للإسبان في القرن السابع عشر من طرف ابن المنصور الذهبي الشيخ المامون، فضج المغرب لهذا الحدث، فقتل هذا السلطان والعالم الذي أفتى بجواز تسليم المدينة، ووقعت ثورة في القرويين وقام أبو محلي يندد وجمع المجاهدين ودعا إلى التوجه لتحرير العرائش من النصارى آنذاك.. هذه التعبئة، قال المتحدث، تشبه التعبئة الحاصلة بين أفراد الشعب المغربي من أجل استكمال تحرير الصحراء.
كانت البداية مع نيل الاستقلال سنة 1956، تلاه حراك على الصعيد الوطني من أجل البناء الديمقراطي دام إلى حدود السبعينيات، ثم جاء حدث المسيرة ليتم الانتصار، قال البريري، مبرزا أن المحتلين الإسبان يعرفون المغاربة في حروبهم ودرسوا عن المغاربة في الحرب، فكانوا أمام خيارين؛ إما الاستسلام وتسليم الأرض إلى أهلها، وإما حرب لن ينتصر فيها المحتل، والأمثلة عبر التاريخ أثبتت أن المحتل لا يستمر داخل أرض احتلها ولا تنتهي الحرب إلا وأهل الأرض تمكنوا من تحريرها.
المصدر: وكالات