موازاة مع الاستعداد للشروع في إعمار المناطق المتضررة من زلزال الأطلس، قال عزيز بن الطالب، باحث في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، رئيس المركز الدولي للواحات والمناطق الجبلية بالمغرب، إن عملية إعادة الإعمار ينبغي أن يسبقها تصور شامل وواضح، بإشراك السكان المحليين، وأن تكون القرارات النهائية دقيقة.
جاء ذلك في ندوة نظمها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية حول موضوع “الثقافة الأمازيغية وتداعيات زلزال الأطلس”، مساء الأربعاء، حيث شدد بن الطالب على أن “عملية إعادة إعمار المناطق المتضررة من الزلزال لا يجب أن تستهدف فقط إعادة إيواء المواطنين، بل ينبغي أن تمكّن أيضا من إخراج السكان من العزلة والتهميش”.
ودعا المتحدث ذاته إلى “التفكير في مختلف الحلول المطروحة، من قبيل خلق تجمعات سكانية بهدف تجميع الدواوير المشتتة، وهو ما من شأنه أن يسهّل توفير العقار الصالح للبناء بعيدا عن خط الزلزال، إضافة إلى تيسير توفير خدمات القرب للمواطنين، مثل المدارس والمؤسسات الصحية”، لافتا إلى أن “المناطق التي ضربها الزلزال تشترك في العزلة والتهميش وضعف مؤشرات النمو”.
ورصد بن الطالب أربعة تحديات قال إنها ستواجه إعمار المناطق المتضررة من الزلزال؛ “يكمن الأول في توفير أعلى مستوى من مستويات السلامة”، موضحا أن “عملية البناء يجب أن تتم على أساس شروط هندسية وتقنية وفق دفاتر تحملات مدروسة، مع الحرص على متانة الأبنية والحفاظ على طابعها التقليدي”.
ونبه الباحث ذاته إلى أن “من بين التحديات التي ستواجه عملية إعادة الإعمار احترام الهوية العمرانية والتاريخية للمنطقة”، مشيرا إلى أن “هناك 6000 مهندس معماري مستعدون للمساهمة في إعمار وتأهيل المناطق المتضررة بدون أي مقابل”.
من الناحية التقنية، يردف المتحدث ذاته، “يمكن المزاوجة بين البناء الحديث واحترام الخصوصيات الثقافية المحلية حسب خبراء تكنولوجيا البناء، وجعل البنية التحتية صلبة ومرنة تتحمل الهزات الأرضية، وأن تتضمن البنية الخارجية الثانوية الشكل المرفولوجي للهندسة المعمارية التقليدية المشبّعة بالتقاليد والزخرفة ونمط العيش”، ودعا إلى “الإنصات والتواصل مع الساكنة، والاستماع إلى مطالبها الاقتصادية والاجتماعية، والحفاظ على كرامتها وخصوصياتها الثقافية، وأن يكون الإعمار جزءا من مشروع فك العزلة وتنمية المنطقة وتوفير البنية التحتية الأساسية بها”.
ولإنجاح عملية إعادة إعمار وتأهيل المناطق المتضررة من الزلزال، يرى رئيس المركز الدولي للواحات والمناطق الجبلية بالمغرب أنه “لا بد من توفير عدد من الركائز الأساسية، في مقدمتها الالتقائية”، وهو ما يستدعي، بحسبه، “القطع النهائي مع السياسة القطاعية واعتماد السياسة الالتقائية”.
واعتبر بن الطالب أن “الورش الوطني لإعادة الإعمار يشكل فرصة تاريخية لتصحيح مسار التنمية في بلدنا على المستوى الوطني والجهوي والمحلي”، داعيا إلى “خلق منصة إلكترونية للمؤسسات والجمعيات لتقديم المقترحات والتصورات حول إعادة الإعمار، على غرار ما تم القيام به خلال إعداد النموذج التنموي الجديد”.
وخلُص المتحدث إلى أن “إستراتيجية إعادة إعمار المناطق المتضررة من الزلزال يمكن أن تكون نموذجا يبني عليه المغرب تجربة أولية من أجل الاهتمام بباقي المناطق القروية والجبلية الشاسعة في البلاد”، مبرزا أنه “يمكن اعتبار هذه الكارثة فرصة اقتصادية لبدء مرحلة جديدة في التعامل مع العالم القروي، وخاصة الجبلي، الذي ظل خارج مدارات التنمية لعقود”.
المصدر: وكالات