يواصل عدد من “صناع المحتوى” على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا صناع ما تسمى “المقالب”، “استهداف” النساء على مستوى الشارع العام وجعلهن مادة دسمة لمحتوياتهم بغية جذب أكبر عدد من المشاهدات، وهو ما تشير إليه حقوقيات ومدافعات عن حقوق المرأة كنوع من الترافع عن حق هؤلاء الفتيات أو النساء في عدم التعرض لأي مضايقة أو محاولة لاستغلال ضعفهن بغية تكريس صور نمطية عنهن.
ويعمد صناع المحتوى هؤلاء بين الفينة والأخرى إلى محاولة استفزاز العنصر النسوي عبر مقالب تتعلق بوضعيات يؤكد مهتمون أنها تسيء للمرأة المغربية، كإظهارها وكأنها تسعى فقط وراء المال، وسط دعوات إلى الحد من هذه الممارسات التي تكرس نظرة دونية عن المرأة، وحسرة على الإقبال الذي تشهده مثل هذه المحتويات من طرف رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
في هذا الإطار قالت أمينة التوبالي، فاعلة حقوقية، عضو ائتلاف “المناصفة دبا”، إن “صورة المرأة في الإعلام كانت متسمة دائما بالنمطية، حيث راجت مجموعة من الصور السائدة في المجتمع حتى قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تأتي هذه الأخيرة لتكرس هذه الصورة من خلال المقالب وبعض المحتويات التي تستغل ضعف المرأة من أجل كسب الأموال”.
وأضافت التوبالي أن “التسيب الذي يعرفه الفضاء الرقمي ساهم في هذا الأمر، حيث تروج محتويات مهينة لكرامة المرأة وإنسانيتها”، مؤكدة أن “الأمر يتعلق بظاهرة سلبية تساهم في تسويق صورة مغايرة للمرأة المغاربية، في وقت يتم تجاهل تسليط الضوء على نجاحات النساء المغربيات في الداخل والخارج، وهو ما يساهم في تكريس الصورة التي تروجها بعض وسائل الإعلام المعادية في الخارج عن المغرب”.
واعتبرت الفاعلة الحقوقية ذاتها أن “بعض النساء يساهمن بوعي أو بدونه في تكريس هذه الصور النمطية السائدة حول أنفسهن، التي تربط المرأة المغربية بالدعارة أو الشعوذة أو غيرهما”، وزادت: “كما أن المتلقي نفسه يساهم في انتشار مثل هذه المحتويات الفضائحية من خلال متابعتها”، مبينة أن “القضاء على مثل هذه الظواهر يتطلب ثورة ثقافية لإعادة تصحيح مجموعة من المفاهيم المرتبطة بصورة المرأة المغربية”.
من جهته قال محسن بن زاكور، دكتور متخصص في علم النفس الاجتماعي، إن “الأساليب التي تعتمدها مجموعة من المحتويات الرقمية لتمرير مجموعة من الرسائل والقيم مرفوضة، إذ تروج مفاهيم لا يمكن بناء العلاقات الإنسانية ومنظومة القيم المجتمعية استنادا إليها”.
وأوضح بن زاكور أن “هذه المحتويات لا تحترم المعايير والغايات الأخلاقية، إذ تروج على سبيل المثال صورة سلبية عن المرأة المغربية من خلال أساليب تعتمد على الإغراء وليس على صدق المشاعر”، معتبرا أن “أصحاب هذه المحتويات يسعون فقط إلى كسب المشاهدات ولو على حساب القيم”.
وشدد المتحدث ذاته، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أن “السؤال المطروح هو هل حسنت هذه المحتويات الرقمية من صورة المرأة في المجتمع أن أنها ساهمت في تنميطها؟”، مؤكدا أن “خطورة هذه المحتويات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي تكمن في عدد المتابعين والمشاهدات التي تحصدها، كما تكمن في صعود جيل جديد يطبع مع هذه الظاهرة، مع ما يعنيه ذلك من خطورة على الفرد والقيم”.
وخلص المتخصص في علم النفس الاجتماعي إلى أن “مواجهة هذه الظواهر الرقمية الخطيرة تقتضى أولا نشر ثقافة التبليغ عن مثل هذه المحتويات على الوسائط الرقمية، لأن الدولة لا يمكنها حظرها، غير أنه ما يمكنها فعله على هذا المستوى هو إدراج مادة التربية على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في المناهج التربوية، لتحفيز قدرة مستهلكي هذه المضامين على النقد والتحليل وقراءة ما بين السطور”.
المصدر: وكالات