أثار تراجع وزارة العدل عن تضمين مشروع المسطرة الجنائية في نسخته الأخيرة حق الأطفال المزدادين خارج نطاق مؤسسة الزواج الانتصاب كطرف مدني في مواجهة المتسبب في ذلك استياء في صفوف الحركة الحقوقية بالمغرب؛ الأمر الذي اعتبر تراجعا عن تصريحات سابقة للوزير عبد اللطيف وهبي، تحدث فيها عن إلزام المتسبب في الحمل بالتكفل بالطفل إلى غاية بلوغه 21 سنة.
وتضمنت المسودة الأولى لمشروع قانون المسطرة الجنائية في المادة السابعة أنه “يحق لكل طفل ازداد نتيجة جريمة اغتصاب أو فساد أو أي اعتداء جنسي أن ينتصب طرفا مدنيا في مواجهة المتسبب فيها، وتطبق في هذه الحالة مقتضيات المادة 1-317 من هذا القانون. كما يعفى، خلال جميع مراحل الدعوى، من أداء الرسوم القضائية”.
في المقابل، فإن المادة المذكورة، وفق النسخة الأخيرة التي تمت المصادقة عليها من طرف المجلس الحكومي، قفزت عن ذلك، حيث تم بتر هذه الفقرة منها؛ الأمر الذي أثار استغراب الفعاليات الحقوقية وتنديدها بذلك.
في هذا الصدد، أوضحت عاطفة تمجردين، رئيسة مكتب الرباط للجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، أن المنطق يفرض تحقيق المصلحة الفضلى للطفل والتي يجب أن تكون معبرة عن مكاسب بدل التراجع عنها.
وأوردت الفاعلة الحقوقية، ضمن تصريحها لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن المغرب منخرط في التزامات واتفاقيات دولية عديدة توصي بالطفل، إلى جانب ما ينص عليه الدستور باعتباره الوثيقة الأسمى؛ وبالتالي “من حق الطفل المزداد بطريقة أخرى سواء ناجمة عن اغتصاب أو غيره أن يتقدم برفع دعوى عامة تتعلق بمصلحة”.
وشددت المتحدثة نفسها على أن هذه المسودة تعرف تراجعا في مجموعة من المواد؛ الأمر الذي يجعلهم ضد التراجع عن المكتسبات، مضيفة بأنه “في ظل فتح ورش مدونة الأسرة، فيلزم عدم التناقض بين القانون الخاص بها والمسطرة المدنية والجنائية”.
وأشارت رئيسة مكتب الرباط للجمعية الديمقراطية لنساء المغرب إلى أن الائتلاف المدني، الذي يضم العشرات من الجمعيات الحقوقية، “سيعقد اجتماعات لتحديد خطة عمل من أجل الترافع حول مسطرة جنائية تكون في رؤيتها تضمن العدالة والحرية والمساواة، وفيما يتعلق بالإجراءات تضمن الحماية القانونية والقضائية لكل المواطنين”.
بدورها، عبّرت بشرى عبدو، مديرة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، عن تفاجئها “من هذا التراجع غير المفهوم عن مقتضى كنا ننتظره للحد من معاناة عدد من الأطفال المغاربة، الذي يجب على آبائهم البيولوجيين تحمل كامل المسؤولية إزاءهم”.
ولفتت الفاعلة النسائية، ضمن تصريحها، إلى أن وزير العدل “كان قد قدم تصريحات مهمة وإيجابية على هذا المستوى، ونتمنى أن يتم تلافي هذا الخطأ حين الشروع في المسطرة التشريعية لقانون المسطرة الجنائية بالبرلمان”.
وشددت على أن جمعية التحدي للمساواة والمواطنة “تلح على ضرورة تضمينه، تطبيقا للمصلحة الفضلى للطفل كما حددها دستور 2011، وللاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في ما يهم الطفولة”، مؤكدة أن “حقوق الطفل على أبيه لا تتعلق فقط بالتعويض أو النفقة المعيشية، وإنما يتعلق الأمر بشكل أساسي بأهمية الانتساب لأبيه، بما يخلف هذا الانتساب من حقوق كاملة، على مستوى النفقة في الحياة والإرث بعد الوفاة، إلى جانب موقع واعتبار الطفل داخل المجتمع”.
وكان عبد اللطيف وهبي أكد، في مجلس النواب، أنه في حالة حدوث حمل خارج إطار الزواج يجب اعتماد الخبرة الجينية لإثبات علاقة الأب المفترض بالمولود، مشيرا إلى أنه في حال إثبات الأبوة يمكن إلزام الأب بالإنفاق على المولود إلى حين بلوغه 21 سنة، وفي حالة تكفل الأب بالحضانة تصبح الأم مسؤولة عن النفقة كذلك.
المصدر: وكالات