يخلّد المغرب، اليوم السادس من يناير، اليوم الوطني لمحاربة الرشوة، في وقت ارتفع، وفق التقرير السنوي الأخير للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، مستوى الإدراك بشأن تفاقم الفساد ببلادنا.
ورغم تزايد “تساقط” مجموعة من الرّاشين والمرتشين في المغرب خلال السنوات الأخيرة، لاسيما بعد اعتماد الخط المباشر للتبليغ عن الرشوة والفساد المعروف بـ”الرقم الأخضر”، إلا أن البلد، وفق مراقبين، مازال يواجه تحدّيات عدة في مواجهة هذه الآفة.
ومن بين هذه التحدّيات، يذكر إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، “اقتصار المجهودات المبذولة في محاربة الرشوة على صغار الموظفين، في ما يمكن أن نطلق عليها ‘ميكرورشوة’، التي تعتبر بمثابة رشوة معيشية لبعض الموظفين من ذوي الدخل المحدود”، وفق تعبيره.
وشدّد السدرواي، ضمن تصريح لهسبريس، على “ضرورة تفعيل سياسة ردع للمرتشين الكبار المرتبطين بالصفقات العمومية والاقتصاد الوطني، لما لأفعالهم من انعكاس مدمر على الاقتصاد الوطني والتنافس الشريف، ثم وضع الإطار القانوني الجنائي الذي يحتاج بدوره إلى تعديل يتماشى مع أنواع الرشاوى المختلفة”.
واعتبر الفاعل الحقوقي ذاته أن حجم ظاهرة الرشوة في المغرب “يتطلب تحيين الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد بفتح حوار وطني يشمل كل الفاعلين، من أجهزة قضائية وأمنية ومصالح حكومية معنية، مع إشراك المجتمع المدني، من أجل سياسة وطنية تقطع الطريق أمام أولئك الذين يصرون على استمرار الرشوة داخل المجتمع المغربي، لاسيما داخل أسس تمثيليتنا الديمقراطية عبر مؤسسات منتخبة وبرلمان منتخب بناء على عمليات إرشاء واسعة للمواطنين”.
ويرى المتحدث ذاته أن “تخليق الحياة السياسية وتطهيرها من الفساد والرشوة أساس أي إصلاح، مع التركيز على القطاعات الأساسية، وفي مقدمتها القضاء والأمن”، قبل أن يذكّر بـ”المجهودات المبذولة من طرف الأجهزة الأمنية والقضائية هذه السنة عبر العديد من المتابعات الجنائية والتأديبية الرادعة”.
من جانبه قال شكيب الخياري، رئيس جمعية الريف لحقوق الإنسان، إن “المغرب عرف على مستوى مؤشر مدركات الفساد تراجعا بخمس نقاط خلال السنوات الأربع الأخيرة، وهو ما انعكس على ترتيبه بين الدول المشمولة بهذا المؤشر، إذ انتقل من الرتبة 37 سنة 2018 إلى 94 سنة 2022، أي إنه تراجع خلال أربع سنوات بـ 21 رتبة”.
واعتبر الخياري، في حديث لهسبريس، أن محاربة الفساد بالمغرب “تعترضها العديد من الصعوبات، الواقعية وحتى التشريعية”، مشيراً إلى “عرقلة تعديل مجموعة القانون الجنائي منذ سنة 2016 إلى الآن بسبب تضمين الحكومة تعديلا يتعلق بتجريم الإثراء غير المشروع، الذي يقتضي معاقبة كل موظف عمومي لا يتمكن من تبرير الزيادة المهمة في ثروته بالنظر إلى مداخيله المشروعة”.
وخلص الناشط الحقوقي والخبير القانوني إلى أن “عدم تجريم الإثراء غير المشروع يجعل إجراء التصريح الإجباري بالممتلكات كما يعرفه الآن القانون المغربي بدون فعالية، لأنه لا يعاقب سوى على التصريح غير المطابق أو غير الكامل أو عدم التصريح”.
المصدر: وكالات