إشادةٌ بالتجربة المغربية في تدبير التنوع والتعدد الثقافي واللغوي، تم التعبير عنها خلال التظاهرة الثقافية السنوية التي ينظمها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغي بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة الأم، إذ أكد المعهد أن “التعددية اللغوية والثقافية تشكل علامة مسجلة في المغرب”.
وقال عميد المعهد، أحمد بوكوس، إن تخليد اليوم العالمي للغة الأم “مناسبة غالية لدى الشعوب التي تشكو من تهميش لغاتها الأولى، ولا سيما اللغة الأم، وربما هي مناسبة كذلك لاستلهام روح النموذج المغربي بشأن النهوض بالأمازيغية لغة وحضارة، وهو نموذج قد يفيد في سيرورة إعادة الحيوية إلى اللغات المستضعفة عبر العالم”.
من جهته، نوّه مدير مكتب الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) لدى البلدان المغاربية، إيِريك فالت، بالتجربة المغربية في تدبير التعدد والتنوع الثقافي واللغوي، وبالجهود التي يبذلها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية من أجل تثمين اللغة الأمازيغية، مبرزا أنها تشكل عنصرا جد مهم من عناصر الثقافة والهوية المغربيتين.
وقال إيِريك إن الاحتفال باليوم الدولي للغة الأم، الذي يصادف 21 فبراير من كل سنة، “أصبح تاريخا مهما في الأجندة الثقافية للرباط”.
وتلا المتحدث رسالةَ المديرة العامة لليونسكو، أودريه أزولاي، بمناسبة اليوم الدولي للغة الأم، التي استهلتها بالإشارة إلى أن “40 في المئة من سكان العالم اليوم لا يحصلون على التعليم بلغتهم الأم، أي بأفضل لغة يفهمونها أو يتحدثون بها”، معتبرة أن “عواقب هذا الوضع خطيرة تعليميا وثقافيا، لأن اللغة الأم ضرورية لنقل المعرفة بين الأجيال”.
وشددت أزولاي على أن “التعلّم باللغة الأم عامل أساسي للنجاح المدرسي، إذ تعزز اللغة الأم احترام الذات، وتثير فضول الأطفال منذ نعومة أظافرهم، وتسهّل تنمية القدرات المعرفية”، مبرزة أن “مناصرة التعددية اللغوية في المدارس تهدف أيضا إلى صون تعدد اللغات والنهوض بها، ولا سيما بالنسبة للغات التي أوشك المتحدثون بها على الاندثار”.
المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أكد في الورقة التقديمية للتظاهرة الثقافية التي احتضنها مقره أن الاحتفال باليوم العالمي للغة الأم، “يعد فرصة سانحة لتسليط الضوء على أهمية الحفاظ على لغات الأم التي توحد بلادنا، وتُثْريها، ونسعى لتعزيزها”.
وجاء في الورقة التقديمية للتظاهرة أن “الهوية المغربية متجذرة في التنوع اللغوي والثقافي”، وأن “اللغة الأمازيغية، إلى جانب اللغة العربية، تعتبر ركيزة أساسية في الهوية المغربية. ومن خلال الاعتراف بها وتثمينها نظرا لما تؤديه من أدوار مهمة في بناء مجتمع شامل وتعددي، فإننا نعمل من أجل مجتمع يشعر فيه كل فرد بالاعتراف والاحترام والتمثيل”.
ونوه المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية إلى أن تعزيز استخدام لغات الأم “يتجاوز مجرد الحفاظ على تراث لغوي صرف”، وأنه “عمل سياسي واجتماعي قوي، يعترف بالحقوق اللغوية لجميع المواطنين المغاربة، بغض النظر عن لغتهم أو الجهات التي يتحدرون منها”.
ولفت المعهد الذي تأسس سنة 2002، إلى أن تعزيز تعليم اللغة الأمازيغية ونشرها إلى جانب اللغة العربية واللغات الأخرى، “يوفر لكل مواطن إمكانية تملك هويته الثقافية واللغوية بشكل كامل، وهذا يساعد على تعزيز الشعور بالانتماء إلى مجموعة وطنية متنوعة ومتعددة”.
وأكد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أن النهوض باللغة الأمازيغية “يشكل رافعة قوية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في المناطق الأمازيغية في المغرب”، وأن بتثمينها في مجالات متعددة، كالتعليم والثقافة والسياحة وغيرها، “فإننا نعزز تنمية المجتمعات المحلية والحفاظ على تراثها”.
من جهته، قال ممثل المركز الثقافي الروسي بالمغرب إن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يقوم بجهود معتبرة من أجل تعزيز حضور اللغة الأمازيغية في المجتمع المغربي، ومنحها “حياة حقيقية”.
حضر هذه التظاهرة الثقافية التي نظمها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، سفراء الصين وفلسطين وإندونيسيا وبنغلاديش وأذربيجان، وثلة من السفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية بالمغرب، وتميزت بتقديم عروض فنية، من غناء ورقص وشعر، باللغات الأم، من طرف مجموعة من الفرق من دول مختلفة.
المصدر: وكالات