مازالت التّفاعلات بشأن مقتل شابين مغربيين برصاص قوات خفر السواحل الجزائري تتوالى بالمغرب، حيث دخلت العديد من الرابطات الحقوقية والأحزاب السياسية على خط إدانة “السلوك الإجرامي الذي أقدمت عليه الجزائر”، ومنها فيدرالية اليسار الديمقراطي، التي انضمت إلى الأصوات السياسية المغربية التي تدين الجريمة وتعتبر أنها “تستحق ترتيب الجزاءات”.
ولا تبدو “أصوات اليسار الجديد” بالمغرب مهادِنة تجاه النظام الجزائري، بعد أن بلغ به الوضع درجة التفكير في قتل أبرياء ضلوا الطريق في الحدود البحرية الإقليمية بين المغرب والجزائر بمنطقة السعيدية؛ حتى إنّ مغاربة يدعون إلى تجاوز القطيعة بين البلدين صاروا “يصرفون موقفا رافضا لكل أشكال العنف والتصفية الجسدية لشباب عزل برصاص الجزائر، كل ذنبهم أنهم مغاربة”.
علي بوطوالة، نائب الأمين العام لحزب فيدرالية اليسار، قال إنّ “القوى التقدمية في الجزائر هي الفرصة المتبقية لتعزيز جسر التواصل مع الشعب الجزائري، بعد أن تبين أن النظام العسكري يستمر في رغبته في جر المنطقة إلى الحرب”، موضحا أنّ “هذا الاضطراب في العقل السياسي الجزائري، خصوصا العسكري، جعله في حالة غير طبيعية تمتد إلى قتل أبرياء ضلوا الطريق”.
وقال بوطوالة، في تصريح لهسبريس، إنّ “اليسار المغربي يرفض القتل ويرفض هذا السلوك الإجرامي الذي لن يؤدي سوى إلى تأجيج الصّراع وجر الشعبين إلى متاهات هما بعيدان عنها”، مبرزا أن “هناك محاولات لتعزيز التحاور مع الجار الجزائري من خلال قواه التقدمية، لأجل إدانة هذه الأعمال التي تبرز نوعا غير طبيعيّ في السّياسة”، وأضاف: “يجب أن ندين جميعا مختلف أشكال الجرائم التي ترقى لتكون جرائم ضد الإنسانية، وحتى اليسار في الجزائر يجب أن يدينها”.
وأفاد نائب الأمين العام لحزب فيدرالية اليسار بأنّ “إيران والسعودية، العدوين التاريخيين، صارا يتجهان نحو تجاوز الماضي، وهو الأمر الذي يجب أن نفكر فيه كسياسيين في المغرب والجزائر”، معتبرا أنّ “هذا صعب، بل وغير ممكن مادام العسكر في الجزائر هو صاحب الكلمة الفصل، لأن لديه عقيدة واحدة معروفة: كراهية المغرب”، وزاد: “هناك لقاء سينظم في باريس بفرنسا قريباً وسنراهن عليه لكي يكون فيه اليسار عامل توحيد”.
كما ذكر بوطوالة أن “القوى التقدمية المغربية تفكر في وضع تصور لإطار سياسي مغاربي يمكّن من الخروج من هذا الجو السياسي المختنق بالمنطقة”، مبرزاً أنّ “هذا الإطار سيمكن من الضّغط على الأنظمة، خصوصاً في الجزائر، لأجل الاتجاه نحو سبل الحوار والابتعاد عن كل أشكال قتل الأبرياء، لكونه لا يزيد سوى في الاحتقان وتنامي الغضب لدى الشّعب المغربي”، وتابع: “يبدو أنّ الحل هو أن ينتهي نظام العسكر، وكذلك أن يتوقّف المغرب بدوره عن التّصعيد، لكونه يتحمّل جزءاً من المسؤولية”.
من جانبها قالت النائبة البرلمانيّة عن فيدراليّة اليسار الديمقراطي فاطمة التامني إنّ “إقدام العسكر الجزائري على قتل الأبرياء يبرز بجلاء ما يريده هذا النظام بنا”، متأسفة في الوقت نفسه للمغرب “الذي لم يصرف موقفاً رسميا حول ما حدث، حتى إنّ الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية لم يخصّص له أكثر من ثانيتين، ولم يعزّ حتى عائلات الضّحايا المكلومة”، وأردفت: “هذا الوضع صار مخيفاً للغاية، ويجب أن يفتح تحقيق جدي حول انتهاك المواثيق والاتفاقيات الدولية من طرف الجزائر في هذه الجريمة”.
وأضافت التامني، في حديثها لجريدة هسبريس، أنّ “هذا الأمر يجب ألا يتكرر مجددا؛ وبالتالي على هذا النظام أن يعيد النّظر في طريقة بنائه، لكون عقيدة العداء والتفكير الدائم في الحرب مع المغرب لن تكون نتائجها مرضية”، مؤكدة أنّ “رش الشابين بالرّصاص لم يكن من وحي قوات الخفر، لأن قوانين البحار الدولية واضحة في أنّ القتل لا يمكن أن يمارس في الحين في حق مواطنين عزل ضلوا الطريق، وفي أقصى الحالات كان ينبغي اعتقالهم، وليس قتلهم، وهذا يوضح أنّ المقصود ليس الضحايا بل بلدهم”.
وشددت المتحدثة ذاتها على أنّ “فيدرالية اليسار توجه أصابع الاتهام إلى النظام العسكري الجزائري بالضلوع في هذا القتل، وتحث المغرب على اتخاذ الطرق القانونية”، مبرزة أنّ “القوى التقدمية والأصوات الحرة في الجزائر يجب أن تستنكر أي فعل يمس أسمى حقوق الإنسان، وهو الحق في الحياة، لكون التصفية بهذا الشكل الهمجي والشنيع لا يمكن أن تبرر نهائيا بذريعة تصفية الحسابات أو المشاكل السياسية بين المغرب والجزائر”، وخاتمة: “القتل يبقى قتلاً، ويستحق الذي أقدم عليه كلّ العقاب”.
المصدر: وكالات