بعد مرور أزيد من خمسين يوما على “الحرب الدائرة على غزة” بمنطقة الشرق الأوسط، لا يزال أثر هذه “الحرب” على الوجهة المغربية يُناقشُ، خصوصا بعدما تَراجعت “الجاليات اليهودية” تحديدا في إسرائيل وفي مناطق كثيرة بالعالم عن “خُططها” لزيارة بعض “البُلدان الإسلامية”، ومنها المغرب، بسبب ارتفاع منسوب الغضب جراء “الإبادة الجماعية” و”التنكيل” الذي أقدمت عليه إسرائيل في حق سكان قطاع غزة المحاصر.
ولا توجد، إلى حدود الآن، إحصائيات دقيقة بخصوص “حدة ودرجة التراجع”؛ لأن الجهات الرسمية لم تقم بعد بجرد شامل للإلغاءات التي حدثت منذ 7 أكتوبر المنصرم بالتنسيق مع المهنيين، على الرغم من تأكيد هؤلاء في مناسبات كثيرة على أن الإلغاءات كانت لافتة في هذه الظرفية. كما يدفع آخرون بأن زبناء من أسواق كثيرة، وليسوا بالضرورة يهودا، فضّلوا تأجيل الزيارة إلى فترة أخرى؛ إما إلى غاية أواخر السنة، أو مطلع السنة المقبلة التي يفصلنا عنها شهر واحد فقط.
حميد بن الطاهر، رئيس المجلس الجهوي للسياحة لجهة مراكش آسفي، قال إن “المؤشرات تبين، فعلا، تضرر القطاع السياحي المغربي نتيجة حرب الشرق الأوسط؛ لكن درجة التأثير تبدو إلى حدود الآن مبهمة، نظرا لانعدام أرقام إحصائية يمكن البناء عليها للخروج باستنتاجات دقيقة وموضوعية”، مشددا على أن “القطاع السياحي المغربي يظل ناهظا وبقوة رغم بعض الضربات التي يتلقاها بين الحين والآخر، والتي تكون راجعة إلى سياقات حتمية لا يمكن التحكم فيها”.
وأوضح بن طاهر، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن “هذه الضربة، التي تلقيناها في الفترة الأخيرة بسبب الحروب، يجبُ أن تكون مطروحة لدينا كمسؤولين وكفاعلين لكي ننفَتح أكثر على وجهات جديدة بالعالم وأن نبحثَ عن أسواق جديدة في أمريكا اللاتينية وفي الهند وآسيا، إلخ”، معتبرا أن “تشخيص الأضرار يجب ألا نوليه القيمة الكبيرة بقدر ما يجب التركيز على تقوية العرض السياحي المغربي ووضع التوقعات في درجة اليقظة دائما بما أن الحروب لا تخبر أحدا بوقوعها”.
وأضاف المتحدث ذاته أن “العديد من الحجوزات ألغيت بالفعل منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر؛ لكن السياحة عموما بخير وما زالت الدينامية متحركة والسياح يتجولون بجهة مراكش آسفي بأريحية؛ وهو ما يبين أن النموذج السياحي المغربي يستطيع أن يتكيف مع التحولات التي تشهدها السوق السياحية العالمية، مع أن الأمر يظل بحاجة إلى المزيد من الجهود ومن التسويق ومن الانفتاح على الأسواق الواعدة بقوة”.
وأبرز رئيس المجلس الجهوي للسياحة بجهة مراكش آسفي أن “الأسواق الجديدة سيكون لها دور محوري في تأهيل الاستراتيجية الوطنية للسياحة”، لافتا إلى أن “المغرب عليه أن يسرع في اقتناء طائرات إضافية، وأن يخلق خطوطا جوية جديدة تمكن سكان بلدان العالم من زيارته والمساهمة في إنعاش أفضل للقطاع السياحي؛ لأن السياحة “محرك أساسي للنمو”، ومساهم رئيسي في الاقتصاد الوطني”.
من جهته، قال عبد المجيد لعباب، المدير الإقليمي للسياحة بميدلت والرشيدية، إنه “من الطبيعي أن تؤثر الأزمات الاقتصادية والسياسية التي يمر بها العالم على النشاط السياحي العالمي. وبالتالي، فإن المغرب لا يمكن أن يشكل استثناء في هذا الصدد؛ غير أنه ليس بالحدة التي يُتصور بها”، مبينا أن “هذه المتغيرات لم تؤثر كثيرا على القطاع السياحي بمناطق الجنوب الشرقي، خصوصا في صحراء مرزوكة التي تشكل وجهة أساسية خلال هذه الفترة من السنة”.
وعلى غرار بن طاهر، لم ينف لعباب أن “الضرر متحقق”؛ لكنه أفاد أيضا بأن “حدة الضرر فيها نقاش، لأن المؤشرات الحالية تبرز أن هناك تدفقا للسياح على المنطقة، ومقارنة الإحصائيات والأرقام المسجلة في الفترة الحالية مع أرقام الفترة ذاتها من العام الماضي تكشف بالملموس عدم وجود أي تراجع مقلق”، مسجلا أن “المنطقة من المنتظر أن تعرف انتعاشا كبيرا ابتداء من الشهر المقبل وإلى حدود أواخر شهر مارس”.
ولم ينكر المتحدث إيمانه بالتصور ذاته الذي قدمه حميد بن طاهر، حيث لفت المسؤول ذاته إلى أن “الفاعلين في القطاع السياحي في منطقة الجنوب الشرقي مُنخرطون في استراتيجية وزارة السياحة والمكتب المغربي للسياحة الرامية إلى الحفاظ على الأسواق السياحية التقليدية مع الانفتاح على أسواق جديدة؛ بما فيها الأسواق الصاعدة، على غرار الصين والولايات المتحدة الأمريكية”، وزاد: “لا بد أن نواصل جهودنا لكي يظل القطاع السياحي المغربي قويا وصامدا أمام أي طارئ في العالم.
وأورد المصرح لهسبريس أن “الجنوب الشرقي له خصوصية سياحية؛ فهو لديه فترة ذهبية تخلق انتعاشة قوية ولديه أيضا فترة ركود سياحي تكون بالأساس في الصيف”، منبها إلى أن “هذا العرض السياحي، خصوصا الصحراوي، يمثل وجهة تنافسية ويحظى باهتمام السياح والفاعلين من مختلف مناطق العالم”. وفي هذا الصدد، ذكر أن “الخصوصية السوسيوثقافية للمنطقة وبنية الفعل السياحي المتميزة بمرزوكة تقدم صورة جيدة عن المنطقة وعن ثقافتها”.
المصدر: وكالات