الجمعة 22 نونبر 2024 – 05:17
صدر عن دار بوليكلوط الباريسية “Polyglotte” كتاب جديد للشاعر والكاتب المغربي رشيد المومني، موسوم بعنوان “رهاب الحوار الحضاري”، ضمن 132 صفحة؛ فيما أبدع الفنان نصر الدين بوشقيف لوحة الغلاف.
وينطلق الكتاب من رؤية نقدية، تتصدى للصورة المثالية التي تواظب على تكريسها المقولات التنويرية والتحديثية المتداولة في الإعلام الدولي حول مفهوم التواصل الحضاري وآليات اشتغاله.
ووفق معطيات حول الإصدار، فإن هذه الصورة المثالية تبدو من حيث الظاهر مستمدة من روح المدونات الحقوقية التي تستند إليها المنظمات الدولية في ترسيخها للقيم الإنسانية، باعتبارها المرجع الأساسي في وضع حد للتوترات المؤثرة سلبا على العلاقات الطبيعية القائمة بين شعوب الأرض، دونما استثناء؛ لكننا وبمجرد وضع الصورة ذاتها على محك الاختبار الواقعي، فإننا سنتأكد للتو أنها تضمر كل الشرور والمكائد التي لم تخطر أبدا تداعياتها المأساوية على بال الشرائح المطمئنة إلى سذاجة قلوبها المفعمة بطيبة البراءة وأوهامها.
وأضاف المصدر ذاته أن المحك الفعلي الذي تتجسد فيه مأساوية الصورة المثالية للمفهوم هو واقع الانتهاكات الهمجية التي تمارسها الأنظمة المتسلطة جهارا في حق الشعوب، عبر إمعانها في التكييف التحريفي للمدونات الحقوقية بما ينسجم مع نزوعاتها الإقصائية والعنصرية التي كثيرا ما تأخذ شكل إبادات عمياء تتماهى مع أحلك أزمنة القتل المحفورة في ذاكرة التاريخ، والتي ما زالت تلقي بضراوة وحشيتها على كاهل البشرية.
وأورد أن العربدة الدموية الممارسة من قبل العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني أنكى مثال على النوايا المبيتة للمفهوم، حيث لا تلبث مقولاته المسكوكة أن تتجرد من حلتها الوردية والفردوسية، كاشفة بذلك عن نوايا مركزيات الإعلام الغربي التي لا تتوقف منابره المتواطئة عن الأمر بضرورة الامتثال إلى إجبارية الحوار والتواصل؛ علما بأن المراد بفعل التواصل في هذا السياق هو القتل الذي تدور رحاه الجهنمية تحت نيران القصف المنهمرة من الجهات السبع على أشلاء الأطفال والنساء.
واعتمد الكاتب في تفنيده لمغالطات الصورة المثالية المتداولة للمفهوم منهجية التفكيك الهادئ والتأملي التي عودنا عليها الشاعر رشيد المومني في تناوله لآلية اشتغال تلك التفاصيل المسكوت عنها واللامفكر فيها، والتي تساهم بشكل أو بآخر في استحداث غير قليل من الأعطاب البنيوية، بأبعادها العرقية والدينية والثقافية، المؤثرة سلبا في إمكانية إنتاج خطابات/ذوات، حضارية قابلة للتفاعل الإيجابي، البناء والمتكامل.
بموازاة ذلك، ستظل “حالة الرهاب” حاضرة بقوة في خلفية كل حوار ممكن بين الذات والآخر، دون أن تعلن بالضرورة عن هذا الحضور، وهو ما ينذر في كل لحظة باحتمال حدوث تلك الصدامات اللامتوقعة التي تتحين فرصتها الملائمة لتفجير لتعميم خراب إبادتها، حيث سيتبين وبالملموس أن من يمتلك القدرة على القتل هو وحده فقط من يمتلك الحق في القول وفي القرار وفي الفعل.
المصدر: وكالات