في الوقت الذي تستقطب فيه المدن الساحلية نسبة مهمة من السياح المغاربة والأجانب خلال العطلة الصيفية، ما زالت السياحة الجبلية تقدم مثالا لعرض منتعش في القرى والمرتفعات وقادر على أن “ينافس” وسط هذه الطفرة السياحية الصيفية. ولذلك، استطاع المهنيون “الاستمرار” في تقوية هذا الشكل من ناحية الخدمة والمنتوج معا، لكي يظل ضمن برنامج محبي سياحة المغامرة رغم الصعوبات المطروحة.
حركية سنوية
آمنة آيت إبراهيم، مرشدة سياحية وفاعلة مهنية في السياحة الجبلية، قالت إن “المغرب كشف، منذ عقود طويلة، عن خزان طبيعي حقيقي ومؤهلات نفيسة تخول له أن يكون وجهة سياحية بامتياز”، مضيفة أن “الحدائق الخلفية للعديد من المدن المغربية تخفي ثروات بيئية وإيكولوجية كانت تغري الزوار كل صيف منذ فترات مبكرة؛ ولكنها كانت حكرا على السائح الأوروبي والأمريكي بشكل حصري”.
ولفتت آيت ابراهيم، ضمن توضيحات قدمتها لهسبريس، إلى أن “السائح المغربي صار ظهوره واضحا بشكل لافت في السنوات الأخيرة، عكس السابق”، مبرزة أن “المغرب صار يواجه صعوبات متعلقة بالتغيرات المناخية؛ ولكنها لم تقتل أبدا ذلك الطموح المتوفر لدى ساكنة القرى والجبال في تقديم خدمات واستثمارات سياحية للزوار الذين تركوا فضاءات المدينة والتجأوا إلى هدوء الطبيعة وصفائها وأنشطتها الثمينة من حيث مفعولها في الذاكرة”.
وسجلت المصرحة سالفة الذكر أن “هناك مناطق مشهورة؛ ولكن هناك أيضا خدمات سياحية قوية في مناطق غير معروفة، خصوصا التي توفر الرياضة الجبلية التي تستقطب الزوار خلال هذه الفترة من السنة مثل فترات أخرى”، مشيرة إلى أن “السياحة قصيرة المدى تعد بالنسبة للمهنيين منفذا لتحقيق نوع من الدينامية، خصوصا أن العرض في المغرب يتلاءم مع جميع هذه المتطلبات، رغم أن الجفاف شوش قليلا”.
إقبال ومتاعب
محمد الديش، رئيس الائتلاف المدني من أجل الجبل، قال إن “الفترة الصيفية ما زالت تشكل فرصة سنوية حتى تنتعش السياحة الطبيعية والجبلية”، مسجلا أن “الفاعلين السياحيين الذين ما زالوا موجودين في هذه المناطق الخصبة يراهنون إلى حد الآن على هذه الظرفية من أجل جني مداخيل إضافية، خصوصا المناطق الجبلية التي تتوفر على فضاءات رطبة وأنهار وشلالات كأوزود وتونفيت وميدلت، إلخ”.
وأوضح الديش، ضمن تصريح لهسبريس، أن “الصيف يعد مثل الربيع بخصوص الحركية السياحية”، مبرزا أن “المشاكل التي صارت تعترضُ هذا النوع الأساسي من العرض السياحي الوطني هي بيئية بالأساس؛ مثل تدهور الغطاء النباتي ونقص الفرشة المائية، التي تسببت في اللجوء البيئي وفي مغادرة بعض أصحاب المشاريع السياحية لفضاءات معينة”، وزاد: “الملاحظ هو أن المناطق الجبلية التي كانت تستقطب عددا من الناس عرفت تضررا كبيرا”.
ودعا المتحدث الفاعل الحكومي والعمومي إلى تأهيل الزراعات المعاشية التي كانت تعتمدُ في المناطق الجبلية وتكون مصدرا للسياح الذين يبحثون عن ظروف إيكولوجية، والتي مازالت متوفرة بكثرة إلا أنها تشهد متاعب كثيرة بحكم التغيرات المناخية وظاهرة الجفاف التي ضربت المغرب في السنوات الأخيرة”، مبرزا أن “المياه الجوفية تقلصت بدورها والساكنة لا تتوفر على معدات متطورة لحفر الآبار بشكل يحترم القوانين المعمول بها”.
وتطرق رئيس الائتلاف المدني من أجل الجبل إلى “ندرة التساقطات التي تحالفت مع السلوك الإنساني ضد الطبيعة الخصبة في العديد من المناطق، وتضررت الفلاحة المعيشية التي كانت مصدر جذب للسياحة بهذه المناطق القصية، والتي كانت ومازالت في بعض أوجهها تحظى بعناية كبيرة من طرف السياح المغاربة والأجانب؛ وهو ما يتعين أن تلتقطه الاستراتيجية السياحية الوطنية على اعتبار أن سياحا يقطعون كيلومترات طويلة من أجل الاستجمام في الجبل”.
المصدر: وكالات