رصد الخطاب الملكي الأخير بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء “الرهانات والتحديات، التي تواجه الدول الإفريقية عموما، والأطلسية على وجه الخصوص” ومعاناتها من “خصاص ملموس في البنيات التحتية والاستثمارات، رغم مستوى مؤهلاتها البشرية ووفرة مواردها الطبيعية”.
وجدد الملك محمد السادس، ضمن الخطاب ذاته، التأكيد على موقع المغرب القيادي في إفريقيا الذي يمنحه إمكانية العمل على إيجاد حلول عملية لتحديات بلدانها في إطار التعاون الدولي، ووضع بنياته التحتية المختلفة رهن إشارتها.
المحامي الحسين كنون، رئيس المرصد المغاربي للدراسات السياسية الدولية، قال إن الخطاب الملكي الأخير “يستحضر مقولة الملك الراحل الحسن الثاني الذي وصف المغرب بالشجرة الكبيرة التي تترسخ جذورها في إفريقيا وينتصب جذعها في العالم العربي الإسلامي وتمتد أغصانها في أوروبا، مؤكدا بذلك على بُعد العمق الإفريقي”.
وأضاف كنون، ضمن تصريح لهسبريس، أن المغرب “يؤمن بأن ازدهار دول الساحل المعنية بهذا الخطاب سيساهم في خلق الثروة وتعزيز التشغيل لمحاربة الهجرة العنيفة واللااستقرار والاتجار الدولي في المخدرات والهدر المدرسي وغيرها من الظواهر السلبية التي تعيق التنمية الإفريقية”، مشيرا في السياق ذاته إلى أن المغرب “يعمل، في إطار أجندة 2035، على وضع استراتيجيات داخل المملكة؛ لكن ببعد إفريقي”.
وأبرز الخبير في العلاقات الدولية أنه لتعزيز قوة المغرب وطنيا ودوليا “جاءت الدعوة الملكية للعمل على تدارك النقص الذي يعاني به في الأسطول التجاري البحري، موازاة مع تقوية الاقتصاد الأزرق لتنويع روافد الاقتصاد المغربي من فلاحة وتجارة، فضلا عن السياحة الأطلسية والصحراوية والتنقيب عن الموارد الطبيعية في عرض البحر”.
من جانبه، أشار عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، إلى أن “الدبلوماسية المغربية حددت اختياراتها الاستراتيجية منذ وصول جلالة الملك إلى كرسي العرش؛ وذلك بالتأكيد على أن تعاون جنوب جنوب هو ما سيساعد على حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية التي تعاني منها دول القارة الإفريقية”.
وشدد بنلياس، في حديثه إلى هسبريس، على أن “أحد المداخل الأساسية لتحقيق ذلك هو خلق فضاءات للتشاور والتعاون في عالم تسود فيه التنافسية بين التجمعات الإقليمية المختلفة”، مستحضرا مبادرة المغرب، سنة 2022، إلى تأسيس إطار مؤسسي للدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، كإطار للحوار السياسي والأمن والسلامة وفضاء للتعاون الاقتصادي ينسجم مع الطبيعة البحرية للدول المطلة على المحيط الأطلسي، مبرزا أنه لهذه المبادرة “أهميتها الاستراتيجية بالنسبة للمغرب؛ بالنظر إلى الموقع الجغرافي المتميز الذي يحظى به والمتمثل في قربه من أوروبا وشريان التجارة الدولية، ولما يتوفر عليه من بنية تحتية والمواصلات واللوجستيك والخدمات البحرية”.
ولم يفت الأستاذ الجامعي ذاته التذكير بالاجتماع الوزاري الثالث للدول الإفريقية الأطلسية المنعقد في الرباط في يونيو الماضي، والذي أسفر عن اعتماد “إعلان الرباط الثاني” الذي يؤكد على “تجسيد رؤية شراكة إفريقية أطلسية مرنة وتقدمية ومتضامنة، في شكل أهداف مسطرة”.
المصدر: وكالات