تشهد رومانيا تراجعا متزايدا في جاذبيتها للاستثمارات الصناعية، خصوصا في قطاع السيارات، لصالح وجهات أخرى أكثر تنافسية، على رأسها المملكة المغربية التي تواصل تعزيز موقعها كمركز إقليمي في هذا الصدد، حسب ما نقلته وسائل إعلام رومانية عن ميهاي بوردينو، الرئيس التنفيذي لشركة “داسيا” التابعة لمجموعة “رونو” في أوروبا الجنوبية الشرقية مدير فرع رومانيا.
وسجّل المسؤول ذاته، خلال لقاء صحافي، أن “الأمور ليست واضحة بعد فيما يتعلق بالاستثمارات المستقبلية لمجموعة رونو في رومانيا”، مضيفا: “نحن الآن في مرحلة التقييم، ولا يمكننا القول حاليا إن ضريبة الحد الأدنى على رقم المعاملات (IMCA) تسببت في خسارتنا لاستثمارات، لكن من المؤكد أنه يمكن بناء علاقة سببية بين الأمرين، للأسف”.
وأضاف أن “مشروع توسيع القدرة الإنتاجية لمصنع داسيا، على سبيل المثال، ما يزال قيد النقاش، ولم يُتخذ فيه قرار بعد. كما تعلمون، تغيّرت إدارة الشركة مؤخرا، ومن الممكن تأجيل المشروع، لأن مثل هذه القرارات تأخذ في الاعتبار جميع الجوانب، بما في ذلك الضرائب وتكاليف الطاقة. للأسف، تتطور هذه الأخيرة في اتجاه لا يخدم مصالحنا”.
وزاد: “موقعنا الجغرافي والبنية التحتية، خصوصا المشاريع الجارية، نقاط إيجابية، لكن من الواضح أننا بحاجة إلى تعزيز قدرتنا التنافسية”، مشددا على أهمية “بذل المزيد من الجهود؛ لأنه إذا نظرنا إلى السنوات الأخيرة سنلاحظ أن الأمور تسير نحو التدهور أكثر من التحسن. وهذا مؤسف؛ لأننا نفقد فرصا ثمينة، ونحن عند نقطة تحول في صناعة السيارات، وستُعاد صياغة الاستراتيجيات خلال السنوات الأربع أو الخمس المقبلة، لذلك سيكون من الأفضل أن نكون في موقع متقدم”.
تأتي هذه التصريحات في وقت أعلنت فيه مجموعة “رونو” عن مرحلة توسّع جديدة في المغرب، على إثر الزيارة الرسمية التي قام بها مديرها التنفيذي، فرانسوا بروفوست، الأربعاء الماضي، إلى الرباط، حيث التقى عددا من المسؤولين، على رأسهم رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ورياض مزور، وزير الصناعة والتجارة.
وجرى خلال هذه الزيارة، حسب بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة، توقيع ملحق اتفاقية استثمارية يستهدف إحداث 7500 منصب شغل مباشر وغير مباشر، مع تحديث المنظومة الصناعية لهذه المجموعة من خلال إطلاق مخطط تنموي مهيكل يمتد بين عامي 2025 و2030، إلى جانب تدارس آليات تعزيز التصنيع المحلي وتطوير قطاع صناعة السيارات في المغرب.
وحسب وسائل إعلام رومانية، ستُضاف هذه الوظائف الجديدة إلى أكثر من 8000 منصب شغل قائم حاليا، منها أكثر من 6380 في المصنع الجديد لهذه المجموعة الفرنسية بمدينة طنجة، وأخرى في مدينة الدار البيضاء، مشيرة إلى أن مصانع “رونو” في المغرب أنتجت العام الماضي أكثر من 413 ألف سيارة، منها 363 ألفا تحمل علامة “داسيا”، في وقت يُقدَّر فيه عدد موظفي وعمال مصنع “داسيا” في منطقة “ميوفيني” برومانيا بحوالي 11 ألفا، أنتجوا العام الماضي نحو 309 آلاف سيارة فقط.
وأكد خبراء اقتصاديون، في تصريحات سابقة لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن توفر العمالة المتخصصة في قطاع السيارات بالمغرب، نتيجة وجود عدد من مراكز ومعاهد التكوين في مهن السيارات، يجعل من المملكة خيارا مناسبا للعديد من الشركات لتوسيع إنتاجها، خاصة في ظل القرب الجغرافي للبلاد من الأسواق التقليدية لهذا القطاع، ولا سيما السوق الأوروبية.
وفي سياق ذي صلة، كشف تقرير صادر مؤخرا عن جمعية مصنّعي السيارات في أوروبا (ACEA) أن المملكة المغربية واصلت ترسيخ حضورها في سوق السيارات الأوروبية خلال النصف الأول من العام الحالي؛ إذ بلغت حصتها حوالي 4 في المائة من إجمالي المبيعات داخل دول الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى نمو إنتاج السيارات في المغرب بنسبة 1.3 في المائة نتيجة زيادة الاستثمارات وتعزيز قدرات التصدير إلى الخارج.
المصدر: وكالات
