وضع المغرب من جديد مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد لنزاع الصحراء المفتعل، متجاوزا بذلك إشاعات “سحب هذا المخطط من قاعات الأمم المتحدة”.
وقبل أيام كان الحديث طاغيا حول وجود تسريبات تفيد بأن “المملكة المغربية ستسحب مخطط الحكم الذاتي من الأمم المتحدة”، أما اليوم فلسان ممثل المملكة الدائم بالأمم المتحدة، السفير عمر هلال، كان واضحا في كون هذا المقترح “الحل الوحيد للنزاع”، وذلك بمشاركة أهم طرف في الصراع، وهو الجزائر.
وفي ظل وجود تخبط واضح في وجهات نظر الأطراف الانفصالية، بقي المغرب ثابتا في مواقفه المبدئية، ما جعل مئات الدول تقدر جهوده لحل هذا النزاع الذي طال أمده، مقابل تراجع واضح للجبهة الانفصالية التي بقي صوتها غير مسموع خلال الدورة العادية الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، بحيث فضل ممثلوها الاقتصار على التقاط الصور مع ممثلي دول هي الأخرى صوتها غير مسموع.
وبهذا يضع المغرب قبل تقرير مجلس الأمن المرتقب الجزائر والبوليساريو أمام خيار الحكم الذاتي لبدء مفاوضات جادة تنهي النزاع المفتعل، أو خيار “الهروب إلى الأمام” من جديد ومواصلة عرقلة التوجه العالمي الهادف إلى الحفاظ على استقرار الدول وأمنها الإقليمي.
المقترح الوحيد
محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، يرى أن “المبادرة المغربية للحكم الذاتي هي المقترح الواقعي والوحيد المطروح في طاولة المفاوضات، خاصة في ظل تهرب الجزائر من مسؤوليتها كطرف رئيسي في هذا النزاع المفتعل”.
وأورد عبد الفتاح لهسبريس أن “مبادرة الحكم الذاتي تنسجم مع الشرعية الدولية، ولا غالب ولا مغلوب فيها، بحيث تحقق مصالح جميع الأطراف، بما يوافق المقتضيات الدولية”.
وأكد المتحدث ذاته أن “تجديد عمر هلال تمسك المغرب بمبادرة الحكم الذاتي يأتي في سياق الحسم الذي تحققه المملكة بخصوص النزاع، على كافة المستويات السياسية، الميدانية والدبلوماسية، كما يأتي في سياق تفكك المعسكر الداعم للانفصال وانفراط عقده، بعد تغيير عديد الدول التي كانت تدعم الجبهة الانفصالية مواقفها، وإعرابها عن تأييدها المبادرة المغربية للحكم الذاتي واعترافها بالسيادة المغربية على الصحراء”، وزاد: “تشديد المغرب على مقترح الحكم الذاتي من شأنه أن يؤثر على تقرير الأمين العام الأممي ومجلس الأمن المرتقب حول الصحراء المغربية، الذي لن يخرج على التأكيد على أهمية مبادرة المملكة المغربية، وأيضا تهرب الطرف الجزائري المتواصل من طاولة المفاوضات”.
ضغوط دولية
اعتبر عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، أن “مبادرة الحكم الذاتي أكدت على واقعيتها ومصداقيتها، ولاسيما بعد أن اجتازت اختبارات عميقة من الناحية السياسية، وتم تقييمها على ضوء مبادئ القانون الدولي ولوائح الأمم المتحدة”.
وأورد الفاتحي لهسبريس أن “المغرب حول مبادرة الحكم الذاتي إلى شبه واقع قائم من الناحية الإدارية والاجتماعية والعملية، بعد إصلاحات دستورية وتشريعية مكنت من إحداث فارق كبير في الرخاء الاجتماعي، ما زاد من تقوية الإجماع الوطني والشعبي لصالح الحكم الذاتي كحل لنزاع مفتعل”.
واستطرد المتحدث عينه بأن “ذلك ساهمت فيه الإصلاحات الدستورية التي أوجدت إطارا إداريا في نظام التسيير، كالجهوية الموسعة، التي تبقى مقاربة شبيهة لمبادرة الحكم الذاتي، فضلا عن الانتصارات الدبلوماسية التي حققتها المملكة المغربية، والتي كرست مزيدا من التأييد الدولي لمبادرة الحكم الذاتي وفرضت ضغوطا دبلوماسية قوية على الخصوم الذين يقفون اليوم حائرين أمام قوة الدفوع المغربية من الناحية السياسية والواقعية”.
“تقديرا لحجم التأييد الشعبي وارتفاع مستوى العيش بالأقاليم الجنوبية غداة انطلاق مشاريع استثمارية واقتصادية ضخمة توقف المبعوث الأممي إلى الصحراء، ستافان دي ميستورا، خلال زيارته الأخيرة إلى الصحراء، بنفسه على الأمر الواقع”، يقول الفاتحي.
وخلص مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية إلى أن “الضغوط الدولية على كل المستويات تربك الخصوم وتفرض عليهم الانصياع للقرارات الدولية، المتعلقة أساسا بضرورة التعجيل بحل نزاع الصحراء على أساس مبادرة الحكم الذاتي ولا شيء آخر غير الحكم الذاتي”.
المصدر: وكالات