بخطى ثابتة يتجه المغرب إلى التأسيس لصناعة عسكرية محلية من خلال الشراكات التي تربطه مع عدد من الدول، أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، هذه الأخيرة كان الرئيس السابق لمكتب اتصالها بالرباط قد أعلن، الشهر الماضي، عن عزم شركة “Elbit Systems”، من أكبر شركات صناعة أنظمة الدفاع والطيران المسير في الدولة العبرية، فتح فرعين لها بالمملكة، واحد منهما بمدينة الدار البيضاء.
ويرى خبراء أن المملكة المغربية تتوفر على كل المقومات الاقتصادية والبشرية، كما توفر للمستثمرين في قطاع التصنيع العسكري كل الضمانات الأمنية والقانونية التي تؤهلها لتوطين الصناعة العسكرية على أراضيها، وبالتالي الحفاظ على مكانتها وريادتها على الساحتين الإقليمية والدولية، كما أنها مرشحة في المستقبل المتوسط لتتحول من مُصنع للعتاد الحربي إلى مُصدر له، خاصة في اتجاه الدول الإفريقية التي تربطها بها علاقات جيدة.
مقومات عديدة وأرضية مناسبة
عبد الرحمان مكاوي، خبير عسكري، قال إن “اتجاه المغرب نحو التصنيع الحربي يُترجم مستوى التطور الذي بلغته البنيات التحتية الصناعية العسكرية به”، مضيفا أن “المملكة تتوفر على مقومات عدة تمكنها من الانخراط في نادي المصنعين للأسلحة الحربية”.
وأضاف أن “الرباط بعدما حققت الاكتفاء الذاتي فيما يخص الذخيرة بجميع أنواعها، سواء تلك الخاصة بالأسلحة الخفيفة أو المتوسطة أو الثقيلة، أصبحت تتجه نحو تصنيع أسلحة متقدمة من الجيلين الرابع والخامس”.
وتعليقا على عزم الشركة الإسرائيلية سالفة الذكر فتح فرعين لها بالمغرب، قال المكاوي إن “هذه الشركة تعد ثاني أكبر الشركات الإسرائيلية في مجال التصنيع الحربي، إذ توظف أكثر من 140 ألف مهندس وتقني، كما أنه لا تكاد توجد أي قطعة عسكرية في العالم لا تتضمن مكونا من المكونات التي تصنعها هذه الشركة”.
في هذا الصدد، أبرز المصرح لهسبريس أنه “عندما قررت هذه الشركة الاستثمار في المغرب، فإن ذلك تم أولا بناء على دراسة جدوى قامت بها، فإضافة إلى الأرباح التي ستجنيها من ذلك، فهي تتوفر على ضمانات قوية في هذا الإطار”.
أولى هذه الضمانات أمنية بالدرجة الأولى، ذلك أن “توطين هذا النوع من الاستثمارات في أي بلد يتطلب أولا ضمانات أمنية من هذا الأول، واستقرارا سياسيا يجب أن يتمتع به البلد المعني”، يؤكد الخبير العسكري عينه، إضافة إلى “الضمانات القانونية التي ترجمها المغرب من خلال القوانين التي صادق عليها البرلمان فيما يخص التصنيع الحربي، أضف إلى ذلك أن المغرب يمتلك بنيات تحتية مهمة ويوفر يدا عاملة وكفاءات مؤهلة في هذا المجال، كما أن هناك توجها ربما لاعتماد هذه الشركة الإسرائيلية على أفواج المجندين في إطار الخدمة العسكرية الإجبارية، نظرا لخبرتهم وتكوينهم العسكري”.
وخلص مكاوي إلى أن “المغرب مقبل على الدخول إلى نادي صناع الأسلحة في العالم بعدما دخل نادي الفضاء إثر القمرين الاصطناعين اللذين سبق أن أطلقهما، كما أن المملكة ستستفيد اقتصاديا واجتماعيا من توطين مشاريع الصناعة الحربية على أراضيها، عبر توفير فرص الشغل للشباب، إذ يكفي أن نذكر في هذا الإطار أن 42 في المائة من القوى العاملة في الولايات المتحدة الأمريكية تشتغل في شركات التصنيع الحربي”.
قوة إقليمية ومُصدر مستقبلي
أورد محمد شقير، خبير سياسي واستراتيجي، أن “المغرب باعتباره قوة إقليمية يحتاج إلى صناعة عسكرية لمجموعة من الأسباب؛ أولها الحفاظ على مكانته في المنطقة، ثم تقليص تكاليف استيراد الأسلحة والمعدات العسكرية على الأقل فيما يتعلق بقطع الغيار والطائرات المسيرة التي كلف استيرادها من كل من إسرائيل وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية مبالغ كبيرة”.
وأشار المتحدث لهسبريس إلى أن “المملكة يمكنها الاستفادة من الأرضية الاقتصادية ومشاريع الصناعات المدنية التي طورتها في السنوات الأخيرة، إضافة إلى الخبرات التي راكمتها في مجال صناعة الطيران أو تصنيع السيارات، التي يمكن الاستفادة منها في ميدان التصنيع العسكري على المستوى المحلي”.
وخلص شقير إلى أن “المغرب مرشح مستقبلا ليتحول من مصنع للأسلحة إلى مصدر لها، خاصة في اتجاه السوق الإفريقية بالدرجة الأولى، ذلك أن هذه الاستثمارات الضخمة في مجال التصنيع الحربي من المفروض أن تجد لها مجالات تسويقية خارجية، وهذا هو الرهان بالنسبة للمغرب على المديين المتوسط والبعيد”.
المصدر: وكالات