تراهن المملكة بشكل واضح على سنة 2023 من أجل تجاوز تداعيات الأزمات الاقتصادية والسياسية التي طبعَت المواسم الثلاثة المنصرمة، نظراً إلى المناخ الداخلي والخارجي الصعب بسبب جائحة “كورونا” والحرب الأوكرانية-الروسية.
المندوبية السامية للتخطيط، في تقرير حديث لها، أشارت إلى هذا المعطى بتأكيدها أن المغرب يراهن على استدراك تداعيات الأزمات في العام الجديد، مستحضرة “الصدمات” التي تعرض لها الاقتصاد الوطني خلال محطات سابقة، مما عقّد الأوضاع الاجتماعية للأسر المغربية التي عانت من ضعف القدرة الشرائية.
على سبيل المثال، أفادت المندوبية السامية للتخطيط بأن البلاد خسرت سنة 2022 لوحدها نحو 22 ألف وظيفة في أعقاب الأزمة الصحية الناتجة عن “كوفيد-19″، واستقرت في ناقص 1.3 نقطة من حيث دينامية نمو مخزون رأس المال.
بالنسبة إلى رشيد ساري، خبير اقتصادي، فإن “المغرب بإمكانه تحقيق معدل نمو اقتصادي يبلغ 4 في المائة اعتباراً للوتيرة الجيدة التي تسير بها مجموعة من القطاعات الأساسية خلال الأشهر الأخيرة”، مبرزاً أن “القطاع السياحي، مثلاً، استعاد حيويته المعهودة بعد موسمين صعبين من الجائحة”.
وأوضح ساري، في حديث لهسبريس، أن “قطاع صناعة السيارات يمكن أن يساهم بدوره في 25 في المائة من القيمة المضافة في 2023 رغم العراقيل الدولية، والشأن نفسه ينطبق على قطاع الفوسفاط الذي لم يعد نشاطه يقتصر فقط على استخراج هذه المادة وإنما اتجه نحو تصنيع منتجات أخرى، لا سيما الأسمدة التي تشكل الأمن الغذائي بالمنطقة”.
وواصل بأن “الهيدروجين الأخضر الذي يراهن عليه المغرب للتموقع في الخارطة الدولية سيحقق لنا عائدات مالية مهمة ستجعلنا ضمن الأربعة الأوائل في العالم، وبالتالي تجاوز الفاتورة الطاقية المرتفعة التي ناهزت 113 في المائة، وكذا الصناعات البيوتكنولوجية في مجال اللقاحات على سبيل المثال”.
وأردف الخبير ذاته بأن “علامة صنع بالمغرب أسست لسياسة الحكامة في الاستيراد من خلال تصدير 78 مليار درهم من المنتجات الاستهلاكية إلى الخارج، مقابل التخلي عن فاتورة الاستيراد المرتفعة من الخارج في المواد الاستهلاكية (83 مليار درهم)، مما أسهم في خلق 66 ألف منصب شغل بالبلاد”.
لكن العائق الوحيد الذي يواجه المغرب في الرهان الاقتصادي لسنة 2023 لخصه المتحدث لهسبريس في التغير المناخي العالمي، مورداً أن “التقلبات المناخية تقض مضجع المغرب في مجاليْ الماء والفلاحة، غير أن المهم هو استيعاب الدرس المتجسد في عدم الاعتماد على الأجنبي وتحقيق السيادة الوطنية”.
بدوره، لفت إدريس العيساوي، خبير اقتصادي مغربي، إلى أن “2023 ستكون بالتأكيد سنة الانطلاقة في كل المجالات بعد فترة صعبة مرت منها المملكة بسبب تداعيات أزمة كوفيد-19 والحرب الأوكرانية، وما تمخض عنهما من أزمات اقتصادية واجتماعية”.
وذكر العيساوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن “كل المختصين في الحوليات أيدوا هذا الطرح بإشارتهم إلى تحقيق الإقلاع الاقتصادي بالمغرب في العام الجديد، الذي سيشهد طفرة تنموية مهمة في مجالات الاقتصاد والمجتمع والسياسة”.
واستطرد شارحاً بأن “الحكومة أخذت على عاتقها هذا الرهان بتفعيل العديد من الملفات الشائكة خلال الفترة الماضية، خاصة المرتبطة منها بالشق الاقتصادي؛ لأن البلاد عرفت أزمة تضخم تاريخية بلغت 8 في المائة في 2022، وهو ما دفع بنك المغرب إلى اتخاذ إجراءات صارمة في مستهل العام الجديد لتخفيض النسبة إلى 3 في المائة”.
وأشار العيساوي في هذا الصدد إلى “عودة الاستثمارات الأجنبية الخاصة إلى المملكة المغربية خلال الأشهر الماضية، خاصة في صناعة السيارات والطائرات، وكذا في المجال السياحي، بالموازاة مع الإصلاحات القانونية التي قام بها المغرب لتحسين أداء المراكز الجهوية للاستثمار”.
المصدر: وكالات